وقال تعالى:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[سورة يوسف آية: ١٠٦] قال طائفة من السلف، في تفسير هذه الآية: إذا سئلوا من خلق السماوات والأرض، قالوا: الله، وهم يعبدون غيره؛ ففسروا الإيمان في الآية، بإقرارهم بتوحيد الربوبية، وفسروا الإشراك بإشراكهم في توحيد الإلهية، الذي هو توحيد العبادة.
والعبادة: اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال، من ذلك: الدعاء بما لا يقدر على جلبه أو دفعه إلا الله; فمن طلبه من غيره، واستعان به فيه، فقد عبده به والدعاء من أفضل العبادات، وأجل الطاعات، قال الله تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[سورة غافر آية: ٦٠] .
وفي الترمذي: عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" الدعاء مخ العبادة " ١ وللترمذي والنسائي وابن ماجه، من حديث النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الدعاء هو العبادة "٢ ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي}[سورة غافر آية: ٦٠] الآية، قال الترمذي حديث حسن صحيح.
قال الشارح: معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " الدعاء هو العبادة " أي: معظمها، فهو كقوله:" الحج عرفة " ٣ أي: ركنه الأعظم. ومعنى قوله:"الدعاء العبادة" أي: خالصها،
١ الترمذي: الدعوات (٣٣٧١) . ٢ الترمذي: تفسير القرآن (٢٩٦٩) , وابن ماجه: الدعاء (٣٨٢٨) . ٣ الترمذي: الحج (٨٨٩) , والنسائي: مناسك الحج (٣٠١٦) , وأبو داود: المناسك (١٩٤٩) , وابن ماجه: المناسك (٣٠١٥) , وأحمد (٤/٣٠٩ ,٤/٣٣٥) , والدارمي: المناسك (١٨٨٧) .