ثم ذكر رحمه الله آيات، ثم قال: وعبادة الله وحده لا شريك له، هي أصل الدين، وهي أصل التوحيد، الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب، قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} ١، وقال:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} ٢.
وكان صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد ويعلمه أمته، حتى " قال له رجل: ما شاء الله وشئت; قال: أجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده " ٣، ونهى عن الحلف بغير الله، وقال:" من حلف بغير الله فقد أشرك "، وقال في مرض موته:" لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " ٤ يحذر ما فعلوا; وقال: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد " ٥، وقال:" لا تتخذوا قبري عيدا، ولا بيوتكم قبورا، وصلوا علي حيث ما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني " ٦.
ولهذا اتفق أئمة الإسلام، على أنه لا يشرع بناء المساجد على القبور، ولا الصلاة عندها، وذلك لأن من أكبر أسباب عبادة الأوثان: كان تعظيم القبور; ولهذا اتفق العلماء: على أنه من سلم على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره، أنه لا يتمسح بحجرته، ولا يقبلها، لأنه إنما يكون لأركان بيت الله، فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق.
١ سورة النحل آية: ٣٦. ٢ سورة الأنبياء آية: ٢٥. ٣ أحمد (١/٢٨٣) . ٤ البخاري: الجنائز (١٣٣٠) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٥٣١) , والنسائي: المساجد (٧٠٣) , وأحمد (١/٢١٨ ,٦/٣٤ ,٦/٨٠ ,٦/١٢١ ,٦/٢٥٢ ,٦/٢٥٥ ,٦/٢٧٤) , والدارمي: الصلاة (١٤٠٣) . ٥ أحمد (٢/٢٤٦) . ٦ أبو داود: المناسك (٢٠٤٢) , وأحمد (٢/٣٦٧) .