وليس حُسْن النية للرعية والإحسان إليهم أن يفعلَ ما يهوونه ويترك ما يكرهونه، فقد قال الله تعالى: {(٧٠) وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ} [المؤمنون: ٧١]، وقال تعالى للصحابة:{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ}[الحجرات: ٧]. وإنما الإحسان إليهم فِعل ما ينفعهم في الدين والدنيا، ولو كرهه من كرهه، لكن ينبغي له أن يرفق بهم فيما يكرهونه، ففي «الصحيح»(١) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا كان العنف في شيء إلا شانه». وقال:«إن الله رفيق يحبُّ الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف»(٢).
وكان عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - يقول: والله إني أريد أن أخرج لهم المُرَّةَ من الحق فأخاف أن ينفروا عنها، فأصبر حتى تجيء الحلوةُ من الدنيا، فأخرجها معها، فإذا نفروا لهذه سكنوا لهذه (٣).
وهكذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه طالب حاجة لم يردّه ــ وكان محتاجًا ــ إلا بها أو بميسورٍ من القول (٤).
(١) أخرجه مسلم (١٥٩٤) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. ووقع في بقية النسخ: «الصحيحين». وليس في البخاري. (٢) أخرجه مسلم (٢٥٩٣) من حديث عائشة - رضي الله عنها -. (٣) ذكره ابن قتيبة في «عيون الأخبار»: (١/ ٩). (٤) انظر «تفسير الطبري»: (١٤/ ٥٦٩ - ٥٧٢).