وقال أيضًا: سمعت البخاريَّ يقول: كنت في مجلس الفريابيِّ، فسمعته يقول: حدَّثنا سفيان عن أبي عروة (١) عن أبي الخطَّاب عن أنسٍ: «أنَّ النَّبيَّ ﷺ كان يطوف على نسائه في غسلٍ واحدٍ»[خ¦٢٨٤]، فلم يعرف أحدٌ في المجلس أبا عروة ولا أبا الخطَّاب، فقلت: أمَّا أبو عروة؛ فمَعْمَر (٢)، وأما أبو الخطَّاب؛ فقتادة. قال: وكان الثَّوريُّ فعولًا لهذا؛ يكنِّي المشهورين.
وقال محمَّد بن أبي حاتمٍ أيضًا: قدم رجاء الحافظ، فقال لأبي عبد الله: ما أعددت لقدومي حين بلغك؟ وفي أيِّ شيءٍ نظرت؟ قال: ما أحدثت نظرًا ولا استعددت لذلك، فإن أحببت أن تسألني عن شيءٍ فافعل، فجعل يناظره في أشياء، فبقي رجاء لا يدري، ثمَّ قال أبو عبد الله: هل لك في الزِّيادة؟ فقال استحياءً منه وخجلًا: نعم، ثمَّ قال: سل إن شئت، فأخذ في أسامي أيُّوب (٣)، فعدَّ نحوًا من ثلاثة عشر، وأبو عبد الله ساكتٌ، فظنَّ رجاء أنَّه قد صنع شيئًا، فقال: يا أبا عبد الله، فاتك خيرٌ كثيرٌ، فزيَّف أبو عبد الله في أولئك سبعةً، وأغرب عليه أكثر من ستِّين رجلًا، ثمَّ قال لرجاء (٤): كم رويت في العمامة السَّوداء؟ قال: هات كم رويت أنت؟ قال: يُروَى من أربعين حديثًا، فخجل رجاء، ويبس ريقه.
وأمَّا كثرة اطِّلاعه على علل الحديث؛ فقد رُوِينا عن مسلم بن الحجَّاج أنَّه قال له: دعني أقبِّل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيِّد المحدِّثين، وطبيب الحديث في علله.
وقال التِّرمذيُّ: لم أر أحدًا بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتَّاريخ ومعرفة الأسانيد أعلمَ من محمَّد بن إسماعيل.
وقال محمَّد بن أبي حاتمٍ: سمعت سُليم بن مجاهدٍ يقول: سمعت أبا الأزهر يقول: كان بسمرقند أربع مئةٍ ممَّن يطلبون الحديث، فاجتمعوا سبعة أيَّام وأحبُّوا مغالطة محمَّد بن
قوله:(فَعُوْلًا لِهَذَا)؛ أي: كثيرَ الفعل لهذا الذي ذكره بعد بقوله: (يُكَنِّي المَشْهُوْرِيْنَ).
قوله:(فَزَيَّفَ … ) إلى آخره؛ أي: ذكرَ زَيْفَهُم؛ أي: رداءتهم كنايةً عن إيرادِ جَرْحِهِم.