قَمِيصًا؛ فَأَعْطَيْنَاهُ صَاحِبًا لَنَا فَلَبِسَهُ، فَإِذَا ثَمَنُ الْقَمِيصِ حِينَ عُرِفَتِ الثِّيَابُ دِرْهَمَانِ.
قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَشرت غلى رَجُلٍ وَعَلَيْهِ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَسِلاحُهُ تَحْتَهُ فِي قَبْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُبُورِ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا فَمَا كَلَّمَنَا وَلا كَلَّمْنَاهُ حَتَّى ضَرَبْنَا عُنُقَهُ، فَهَزَمْنَاهُمْ حَتَّى بَلَغُوا الْفُرَاتَ. قَالَ: فَرَكبْنَا وطلبناهم فَانْهَزَمُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى سِوَارٍ، قَالَ: وَطَلَبْنَاهُمْ فَانْهَزَمُوا حَتَّى أَتَوُا الصراة، فَطَلَبْنَاهُمْ فَانْهَزَمُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْمَدَائِنِ فَنَزَلُوا كَوْثَى، وَبِهَا مَسْلَحَةٌ١ لِلْمُشْرِكِينَ بِدِيرِ الْمَسَالِحِ فَأَتَتْهُمْ خَيْلُنَا فَقَاتَلَتْهُمْ؛ فَانْهَزَمَتْ مَسْلَحَةُ الْمُشْرِكِينَ، حَتَّى لَحِقُوا بِالْمَدَائِنِ، وَسِرْنَا حَتَّى نَزَلْنَا عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ فَعَبَرَتْ طَائِفَةٌ مِنَّا مِنْ عُلْوِ الْوَادِي أَوْ مِنْ أَسْفَلِ الْمَدَائِنِ فَحَصَرْنَاهُمْ حَتَّى مَا وَجَدُوا طَعَامًا إِلا كِلابَهُمْ وَسَنَانِيرُهُمْ٢، فَتَحَمَّلُوا فِي لَيْلَةٍ حَتَّى أَتَوْا جَلُولاءَ؛ فَسَارَ إِلَيْهِمْ سَعْدٌ فِي النَّار وَعَلى مُقَدِّمَتِهِ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ قَالَ: فَهِيَ الْوَقْعَةُ الَّتِي كَانَتْ، فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ وَانْطَلَقَ يَهْزِمُهُمْ إِلَى نَهَاوَنْدَ.
قَالَ: فَكَانَ كُلُّ أَهْلِ مِصْرٍ يَسِيرُونَ إِلَى حُدُودِهِمْ وَبِلادِهِمْ، قَالَ حُصَيْنٌ: فَلَمَّا هَزَمَ سَعْدٌ الْمُشْرِكِينَ بِجَلُولاءَ وَلَحِقُوا بِنَهَاوَنْدَ، رَجَعَ فَبَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ بِالْمَدَائِنِ؛ فَأَرَادَ أَنْ ينزلها بِالنَّاسِ فَاجْتَوَاهَا٣ النَّاسُ وَكَرِهُوهَا، فَبَلَغَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَلِكَ فَسَأَلَ: هَلْ يَصْلُحُ بِهَا الإِبِلُ؟ قَالُوا: لَا؛ لأَنَّ بِهَا الْبَعُوضَ. فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: إِنَّ الْعَرَبَ لَا تَصْلُحُ بِأَرْضٍ لَا تَصْلُحُ بِهَا الإِبْلُ. ارْجِعُوا، فَلَقِيَ سَعْدٌ عَبَّادِيًّا فَقَالَ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَرْضٍ ارْتَفَعَتْ عَنِ الْبقْعَة وَتَطَأْطَأَتْ عَنِ السَّبْخَةِ وَتَوَسَّطَتِ الرِّيفَ وظعنت فِي أَنْفِ الْبَرِيَّةِ، قَالُوا: هَاتِ: قَالَ أَرض بَين الْحبرَة وَالْفُرَاتِ. فَاخْتَطَّ النَّاسُ الْكُوفَةَ وَنَزَلُوهَا.
قَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله تَعَالَى: حَدَّثَنِي مِسْعَرٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ وَقَدْ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاهُ، وَهُوَ يَفْحَصُ وَيَقُولُ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النِّسَاء: ٦٩] ؛ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَنْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ.
قَالَ: وحَدثني عَمْرو بْنُ مُهَاجِرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ أَبَا مِحْجَنٍ أُتِيَ بِهِ إِلَى سَعْدٍ، وَقَدْ شَرِبَ خَمْرًا يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ؛ فَأَمَرَ بِهِ إِلَى الْقَيْدِ. وَكَانَتْ بِسَعْدٍ جِرَاحَةٌ فَلَمْ يَخْرُجْ يَوْمَئِذٍ إِلَى النَّاسِ، فَصَعَدُوا بِهِ فَوْقَ الْعَذِيبِ لِيَنْظُرَ إِلَى النَّاس قَالَ: وَاسْتعْمل
١ المسلحة مَوضِع السِّلَاح وكل مَوضِع مَخَافَة يقف فِيهِ الْجند بِالسَّلَامِ للمراقبة والمحافظة وكل قوم مسلحون فِي ثغر أَو مخفر للمحافظة على الْمَكَان.٢ يَعْنِي قططهم.٣ لم يناسبهم جوها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute