محتجًّا (١) على ذلك بقوله تعالى: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}[الأنعام/ ١٣٠]، وبقوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩)} (٢)[الأحقاف/ ٢٩]. وقد قال تعالى:{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}[النساء/ ١٦٥]. وهذا قولٌ شاذٌ لا يُلتفت إليه ولا يُعرَف به سلف من الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام.
وقوله سبحانه:{أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}[الأنعام/ ١٣٠]، لا يدلّ على أنَّ الرسل من كلِّ واحدة من الطائفتين، بل إذا كانت الرسل من الإنس وقد أمرت الجنُّ باتباعهم صحَّ أن يقال للإنس والجنّ: ألم يأتكم رسل منكم؟ ونظير هذا أن يقال للعرب والعجم: ألم يجئكم رسل منكم يا معشر العرب والعجم؟ فهذا لا يقتضي أن يكون من هؤلاء رسل (٣)، ومن هؤلاء. وقال تعالى:{وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا}[نوح/ ١٦]، وليس في كلِّ سماءٍ سماءٍ (٤).
(١) "ط": "محتجِّين". (٢) في "ك، ط" لم تثبت الآية كاملة، بل قال بعد "من الجنّ": إلى قوله "منذرين". (٣) "ف": "الرسل"، سهو. (٤) "ط": "قمرٌ". (٥) "أما" ساقطة من "ك، ط".