أخذه وتترخَّصوا فيه، من قولهم: أغمض فلان عن بعض حقّه. ويقال للبائع: أغمِضْ، أي: لا تستقص كأنَّك لا تبصر (١). وحقيقته من إغماض الجفن، فكأنَّ الرَّائي لكراهته له لا يملأ عينه منه، بل يغُضّ (٢) من بصره، ويغمض عنه بعض نظره بغضًا له (٣).
وفيه معنيان: أحدهما: كيف تبذلون للَّه وتهدون له ما لا ترضون ببذله لكم، ولا يرضى أحدكم من صاحبه أن يُهديه له، واللَّه أحقّ مَن تُخُيِّرَ (٥) له خيارُ الأشياء وأنفسُها؟ والثاني: كيف تجعلون له ما تكرهون لأنفسكم، وهو سبحانه طيِّب لا يقبل إلا طيبًا؟
ثمَّ ختم الآية (٦) بصفتين يقتضيهما سياقهما، فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧)}. فغناه وحمده يأبى قبوله (٧) الرديء، فإنَّ قابل الرديء الخبيث إمَّا أن يقبله لحاجته إليه، وإمَّا أنَّ نفسه لا تأباه لعدم كمالها وشرفها. وأمَّا الغنيّ عنه، الشريف القدر، الكامل الأوصاف، فإنَّه لا يقبله.
ثمَّ قال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ