فجوابُه أنّ كون العبد مصطفًى للَّه (١) وليًّا له محبوبًا له (٢) ونحو ذلك من الأسماء الدالّة على شرف منزلة العبد وتقريب اللَّه له لا ينافي ظلمَ العبدِ نفسه أحيانًا بالذنوب والمعاصي. بل أبلغُ من ذلك أن صدّيقيّته لا تُنافي ظلمه لنفسه، ولهذا قال صدِّيق الأمة وخيارها للنَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي، فقال:"قل: اللَّهم إنِّي ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوبَ إلا أنت، فأغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنَّك أنت الغفور الرحيم"(٣).
وقد قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران/ ١٣٣ - ١٣٥]. فأخبر (٤) سبحانه عن صفات المتّقين، وأنَّهم يقع منهم ظلم النفس والفاحشة، لكن لا يصرّون على ذلك.