فسادا في كل جهة، فلم يزل برأيه وتسديده حتى كثرت الأموال وصلحت الأحوال في سائر الأقاليم والآفاق. ومن شعره في جارية له توفيت فوجد عليها:
يا حبيبا لم يكن يعد … له عندي حبيب
أنت عن عيني بعيد … ومن القلب قريب
ليس لي بعدك في شيء … من اللهو نصيب
لك من قلبي على قلبي … وإن غبت رقيب
وحياتي منك مذ غبت … حياة لا تطيب
لو تراني كيف لي … بعدك عول ونحيب
وفؤادي حشوه من … حرق الحزن لهيب
ما أرى نفسي وإن … طييتها عنك تطيب
ليس دمع لي يعصيني … وصبري ما بجيب
وقال فيها:
لم أبك للدار ولكن لمن … قد كان فيها مرة ساكنا
فخانني الدهر بفقدانه … وكنت من قبل له آمنا
ودعت صبري عنه توديعه … وبان قلبي معه ظاعنا
وكتب إليه ابن المعتز يعزيه ويسليه عن مصيبته فيها:
يا إمام الهدى حياتك طالت (١) … وعشت أنت سليما
أنت علمتنا على النعم الشكر … وعند المصائب التسليما
فتسلى عن ما مضى وكان التي … كانت سرورا صارت ثوابا عظيما
قد رضينا بأن نموت وتحيى … إن عندي في ذاك حظا جسيما
من يمت طائعا لمولاه فقد … أعطى فوزا ومات موتا كريما (٢)
وقد رثى أبو العباس عبد الله بن المعتز العباسي بن عمر المعتضد بمرثاة حسنة يقول فيها:
يا دهر ويحك ما أبقيت لي أحدا … وأنت والد سوء تأكل الولدا
أستغفر الله بل ذا كله قدر … رضيت بالله ربا واحدا صمدا
يا ساكن القبر في غبراء مظلمة … بالظاهرية مقصى الدار منفردا
أين الجيوش التي قد كنت تشحنها … أين الكنوز التي لم تحصها عددا
(١) في المصرية: يا إمام الهدى بنا لا بك الغم إلخ.
(٢) كذا بالأصول ولم نجد هذه القصيدة في ديوان المذكور.