إلّا وقد عرفته في وجه محمّد صلّى الله عليه وسلّم حين نظرت إليه، إلّا اثنتين لم أخبرهما «١» منه: ١- يسبق حلمه جهله، ٢- ولا تزيده شدّة الجهل عليه إلّا حلما. فكنت أتلطّف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله، فابتعت منه تمرا إلى أجل، ...
من نعت محمّد في «التوراة»(إلّا وقد عرفته) أي: شاهدته، ويروى: عرفتها.
باعتبار أنّ الشيء بمعنى العلامة. (في وجه محمّد صلّى الله عليه وسلم حين نظرت إليه
إلّا اثنتين) في رواية: إلّا خصلتين (لم [أخبرهما] ) - بفتح الهمزة وإسكان الخاء المهملة وضمّ الباء الموحدة- أي: لم أعلمهما (منه) على حقيقتهما، إذ علمهما لا يكون بالمشاهدة؛ بل بالاختبار:
[الأولى] : (يسبق حلمه جهله) مقابل الحلم من الغضب والانتقام ممّن آذاه. قال الشاعر:
ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا
فالمراد أنّ حلمه يغلب حدّته، كقوله:«سبقت رحمتي غضبي» . فليس الجهل هنا مقابل العلم، وهو: عدم إدراك الشيء، أو إدراكه على خلاف ما هو عليه!! كما توهّمه من لم يعرف لغة العرب. حيث قال لو كان له جهل؛ نحو فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤)[المؤمنون]«٢» وهذه إحدى الخصلتين.
(و) الثانية (لا تزيده شدّة الجهل) أي: جهل غيره- أي: سفاهته- (عليه) وأذيّته (إلّا حلما) ، فكلّما زادت واشتدّت زاد حلمه صلّى الله عليه وسلم (فكنت أتلطّف) :