قَالَ ابن إسحق: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بِتَبُوكَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَمْ يُجَاوِزْهَا، ثُمَّ انْصَرَفَ قَافِلا إِلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَ فِي الطَّرِيقِ مَاءٌ يَخْرُجُ مِنْ وَشَلٍ [١] مَا يَرْوِي الرَّاكِبَ وَالرَّاكِبَيْنِ وَالثَّلاثَةَ، بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ: وَادِي الْمُشَقَّقِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«مَنْ سَبَقَنَا إِلَى ذَلِكَ الْمَاءِ [٢] فَلا يَسْتَقِيَنَّ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى نَأْتِيَهُ» قَالَ:
قال: وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحرث التَّيْمِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُحَدِّثُ قَالَ: قُمْتُ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَرَأَيْتُ شُعْلَةً مِنْ نَارٍ فِي نَاحِيَةِ الْعَسْكَرِ فَاتَّبَعْتُهَا أَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ المزني قد مات،
[ (١) ] الوشل: الماء القليل يتحلب من جبل أو صخرة ولا يتصل قطره، وقيل: لا يكون ذلك إلا من أعلى الجبل. [ (٢) ] وعند ابن هشام: إلى ذلك الوادي. [ (٣) ] أي رشه به.