فعل ذلك ثلاثة أيام، ثم قال: أطلقوه فقد عفوت عنه، أو قد عفوت عنك يا ثمام، فقام واغتسل وأسلم ثم قال: يا رسول الله، إني خرجت معتمرًا وأريد أن أتمم عمرتي، فعلمه رسول الله.
فخرج فقدم مكة، وسمعته قريش يتكلم بأمر رسول الله، فقالوا: صبأ ثمامة، فقال: ما صبأت ولكني أسلمت. وايم الله لا يأتيكم حبة من اليمامة ما بقيت - وكانت ريف مكة -.
ثم انصرف إلى اليمامة، ومنع الحمل منها حتى جهدت قريش، فكتبوا إلى النبي ﷺ يسألونه أن يكتب إلى ثمامة كتابًا يسأله أن يخلي لهم الطعام، ففعل رسول الله ﷺ(١).
قال هشام: كان مسيلمة بن حبيب الكذاب صاحب مخرقة ونارنجيات، وهو أول من أدخل البيضة في القارورة، وأوصل الجناح المقصوص من الطائر ونحوه، وسنذكره في سنة ثلاث عشرة].
وأما ابن النوَّاحة فإنه أمكن الله منه لابن مسعود ﵁ فيما بعد، فقال له: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "لولا أَنَّك رسولٌ لقَتلتُكَ" فأما اليوم فلست برسول، قم يا خرشة فاضرب عنقه، فقام إليه، فضرب عنقه (٢).
وفد طيّئ، قدموا على رسول الله ﷺ وفيهم زيد بن مهلهل بن يزيد بنُ مُنْهِب (٣) الطائي، فعرض عليهم الإسلام فأسلموا، وقال رسول الله ﷺ:"ما ذُكرَ لي رجلٌ من العرب بفضلٍ، ثم جاءَني إلَّا رأيتُه دونَ ما يُقال فيه، إلَّا زيد الخَيْلِ، فإنَّه لم يَبلغ كل ما كان فيه" ثم سماه: زيدَ الخير، وقطع له أراضي من فَيْد، فقال رسول الله ﷺ:"إن يَسلَم زيدٌ من حُمَّى المدينةِ يَطُل عمُرُه" فمرض، فلما وصل إلى ماء من مياههم، يقال له: الفردة أخذته الحمى، فقال حين أحس بالموت:[من الطويل]
(١) "السيرة" ٢/ ٦٣٨ - ٦٣٩ وما بين معكوفين من (ك)، وجاء بدله في (أ، خ): ثم عفى عنه وأطلقه فأسلم. (٢) "تلقيح فهوم أهل الأثر" ص ٤٨١، وانظر "دلائل النبوة" للبيهقي ٥/ ٣٣٣. (٣) في (أ، خ): زياد بن مهلهل بن زيد بن مهذب، والمثبت من طبقات ابن سعد ٦/ ٢١٢، والأغاني ١٧/ ٢٤٥، وتاريخ دمشق ٦/ ٦٧٥ (مخطوط)، وهذا الخبر ليس في (ك).