وحديث «١» أبي واقد الليثيّ قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم يقال لها «ذات أنواط» فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:«الله أكبر، إنها السنن، قلتم- والذي نفسي بيده- كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ- إلى قوله: وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ [الأعراف: ١٣٨- ١٤٠] رواه الترمذيّ وصححه.
وأما عبادتهم للأحبار والرهبان ففي قوله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ [التوبة: ٣١] ،
فروى الإمام أحمد والترمذي «٢» عن عديّ بن حاتم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلّم يقرأ هذه الآية اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ الآية، فقلت له: إنا لسنا نعبدهم، قال:«أليس يحرّمون ما أحلّ الله فتحرّمون، ويحلّون ما حرّم الله فتحلّونه؟» فقلت: بلى قال: «فتلك عبادتهم» .
فالعبادة أنواع وأصناف، ولا يتم الإيمان إلّا بتوحيدها كلها لله سبحانه. وقد بينت السنة أن الدعاء هو العبادة. أي ركنها المهم الأعظم. وأصله من التنزيل الكريم قوله تعالى: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي
(١) أخرجه الترمذي في: الفتن، باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم. وهذا نصه: عن أبي واقد الليثيّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم لما خرج إلى خيبر مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط، يعلقون عليها أسلحتهم. فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال النبيّ صلى الله عليه وسلّم: «سبحان الله! هذا كما قال قوم موسى: اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ. والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم» . (٢) أخرج الترمذيّ في: التفسير، سورة التوبة، حدثنا الحسين بن مرثد. عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلّم وفي عنقي صليب من ذهب. فقال: «يا عدي، اطرح عنك هذا الوثن» . وسمعته يقرأ في سورة براءة: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ، قال: «أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم. ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه» .