ثلاثا ثم قال «ادعهما» فجاء بعس أو قدح فقال لإحداهما: قيئي. فقاءت لحما ودما عبيطا وقيحا، وقال للأخرى مثل ذلك ثم قال: إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما. أتت إحداهما للأخرى فلم تزالا تأكلان لحوم الناس حتى امتلأت أجوافهما قيحا. قال البيهقي: كذا قال عن سعد، والأول وهو عبيد أصح.
وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا عمرو بن الضحاك بن مخلد، حدثنا أبي، حدثنا أبو عاصم، حدثنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير عن ابن عمّ لأبي هريرة أنّ ماعزا جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إني قد زنيت، فأعرض عنه حتى قالها أربعا، فلما كان في الخامسة قال:
زنيت؟ قال: نعم قال: وتدري ما الزنا؟ قال: نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا. قال: ما تريد إلى هذا القول؟ قال: أريد أن تطهرني. قال: فقال رسول الله ﷺ:
أدخلت ذلك منك في ذلك منها كما يغيب الميل في المكحلة والرشا في البئر؟ قال: نعم يا رسول الله قال: فأمر برجمه، فرجم، فسمع النبي ﷺ رجلين يقول أحدهما لصاحبه: ألم تر إلى هذا الذي ستر الله عليه، فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب؟ ثم سار النبي ﷺ حتى مر بجيفة حمار فقال:«أين فلان وفلان؟ انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار» قالا: غفر الله لك يا رسول الله وهل يؤكل هذا؟ قال ﷺ:«فما نلتما من أخيكما آنفا أشد أكلا منه، والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها»(١) إسناد صحيح.
وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا عبد الصمد، حدثني أبي. حدثنا واصل مولى ابن عيينة، حدثني خالد بن عرفطة عن طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله ﵁ قال: كنا مع النبي ﷺ فارتفعت ريح جيفة منتنة. فقال رسول الله ﷺ:«أتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون الناس».
[طريق أخرى] قال عبد بن حميد في مسنده: حدثنا إبراهيم بن الأشعث، حدثنا الفضيل بن عياض عن سليمان عن أبي سفيان وهو طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله ﵄ قال: كنا مع النبي ﷺ في سفر فهاجت ريح منتنة، فقال النبي ﷺ:«إن نفرا من المنافقين اغتابوا ناسا من المسلمين فلذلك بعثت هذه الريح» وربما قال «فلذلك هاجت هذه الريح» وقال السدي في قوله تعالى: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً﴾ زعم أن سلمان الفارسي ﵁ كان مع رجلين من أصحاب النبي ﷺ في سفر يخدمهما ويخف لهما وينال من طعامهما، وأن سلمان ﵁ لما سار الناس ذات يوم، وبقي سلمان ﵁ نائما لم يسر معهم، فجعل صاحباه يكلمانه فلم يجداه، فضربا الخباء فقالا: ما يريد سلمان أو هذا
(١) أخرجه أبو داود في الأدب باب ٢٥. (٢) المسند ٣/ ٣٥١.