وقال غير واحد عن مجاهد في قوله تعالى: ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ قال: من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تجسس. وقال هشام بن عروة عن أبيه: أمر الله رسول الله ﷺ أن يأخذ العفو من أخلاق الناس، وفي رواية قال: خذ ما عفي لك من أخلاقهم، وفي صحيح البخاري عن هشام عن أبيه عروة عن أخيه عبد الله بن الزبير قال: إنما أنزل ﴿خُذِ الْعَفْوَ﴾ من أخلاق الناس (٢) وفي رواية لغيره عن هشام عن أبيه عن ابن عمر، وفي رواية عن هشام عن أبيه عن عائشة أنهما قالا مثل لك، والله أعلم.
وفي رواية سعيد بن منصور عن أبي معاوية عن هشام عن وهب بن كيسان عن أبي الزبير خذ العفو، قال: من أخلاق الناس، والله لآخذنه منهم ما صحبتهم، وهذا أشهر الأقوال، ويشهد له ما رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم جميعا: حدثنا يونس حدثنا سفيان هو ابن عيينة عن أميّ قال: لما أنزل الله ﷿ على نبيه ﷺ ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ﴾ قال رسول الله ﷺ«ما هذا يا جبريل؟» قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك.
وقد رواه ابن أبي حاتم أيضا عن أبي يزيد القراطيسي كتابة، عن أصبغ بن الفرج عن سفيان عن أميّ عن الشعبي نحوه، وهذا مرسل على كل حال، وقد روي له شواهد من وجوه أخر، وقد روي مرفوعا عن جابر وقيس بن سعد بن عبادة عن النبي ﷺ أسندهما ابن مردويه.
وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا أبو المغيرة، حدثنا معاذ بن رفاعة، حدثني علي بن يزيد عن القاسم بن أبي أمامة الباهلي عن عقبة بن عامر ﵁ قال: لقيت رسول الله ﷺ فابتدأته، فأخذت بيده فقلت: يا رسول الله أخبرني بفواضل الأعمال، فقال «يا عقبة صل من قطعك، وأعط من حرمك، وأعرض عمن ظلمك» وروى الترمذي نحوه من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد به. وقال: حسن. قلت: ولكن علي بن يزيد وشيخه القاسم أبو عبد الرحمن فيهما ضعف.