الْفَصْلُ مِنَ انْتِصَابِ خَبَرِ مَا. وَقَالَ الْحَوْفِيُّ وَالزَّمَخْشَرِيُّ: حَاجِزِينَ نَعْتٌ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّفْظِ، وَجُمِعَ عَلَى الْمَعْنَى لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْجَمَاعَةِ يَقَعُ فِي النَّفْيِ الْعَامِّ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعَ وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وَمِنْهُ: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ «١» ، وَقَوْلُهُ: لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ «٢» ، مَثَّلَ بِهِمَا الزَّمَخْشَرِيُّ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَيْنِكَ فِي مَوْضِعَيْهِمَا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ سُودِ الرُّؤُوسِ قَبْلَكُمْ» .
وَإِذَا كَانَ حَاجِزِينَ نعتا فمن أَحَدٍ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مِنْكُمْ، وَيَضْعُفُ هَذَا الْقَوْلُ، لِأَنَّ النَّفْيَ يَتَسَلَّطُ عَلَى الْخَبَرِ وَهُوَ كَيْنُونَتُهُ مِنْكُمْ، فَلَا يَتَسَلَّطُ عَلَى الْحَجْزِ. وَإِذَا كَانَ حَاجِزِينَ خَبَرًا. تَسَلَّطَ النَّفْيُ عَلَيْهِ وَصَارَ الْمَعْنَى: مَا أَحَدٌ مِنْكُمْ يَحْجِزُهُ عَنْ مَا يُرِيدُ بِهِ مِنَ ذَلِكَ.
وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ: أَيْ وَإِنَّ الْقُرْآنَ أَوِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ. وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ:
وَعِيدٌ، أَيْ مُكَذِّبِينَ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ: أَيِ الْقُرْآنُ مِنْ حَيْثُ كَفَرُوا بِهِ، وَيَرَوْنَ مَنْ آمَنَ بِهِ يُنَعَّمُ وَهُمْ مُعَذَّبُونَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: وَإِنَّ تَكْذِيبَهُمْ بِالْقُرْآنِ لَحَسْرَةٌ عَلَيْهِمْ، عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: مُكَذِّبِينَ، كَقَوْلِهِ:
إِذَا نَهَى السَّفِيهَ جَرَى إِلَيْهِ أَيْ لِلسَّفَهِ. وَإِنَّهُ: أَيْ وَإِنَّ الْقُرْآنَ، لَحَقُّ الْيَقِينِ، فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ:
وَسَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى إِضَافَةِ حَقٍّ إِلَى الْيَقِينِ فِي آخر الواقعة.
(١) سورة البقرة: ٢/ ٢٨٥.(٢) سورة الأحزاب: ٣٣/ ٣٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute