الصَّبِيَّةِ. فَقَالَ مَالِكٌ: يُحَدُّ إِذَا كَانَ مِثْلُهَا يُجَامَعُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ: يَحُدُّ إِذَا كَانَ مِثْلُهَا يُجَامَعُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ: يَحُدُّ قَاذِفُ الْمَجْنُونِ. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: لَا يُحَدُّ.
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ ظَاهِرُهُ الذُّكُورُ وَحُكْمُ الرَّامِيَاتِ حُكْمُهُمْ، وَلَوْ قَذَفَ الصَّبِيُّ أَوِ الْمَجْنُونُ زَوْجَتَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَوْ أَخْرَسُ وَلَهُ كِنَايَةٌ مَعْرُوفَةٌ أَوْ إِشَارَةٌ مَفْهُومَةٌ حُدَّ عِنْدِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَصِحُّ قَذْفُهُ وَلَا لِعَانُهُ وَلَمَّا كَانَتْ مَعْصِيَةُ الزِّنَا كَبِيرَةً مِنْ أُمَّهَاتِ الْكَبَائِرِ وَكَانَ متعاطيها كثيرا ما يتسير بِهَا فَقَلَّمَا يَطَّلِعُ أَحَدٌ عَلَيْهَا، شَدَّدَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْقَاذِفِ حَيْثُ شَرَطَ فِيهَا أَرْبَعَةَ شُهَدَاءَ رَحْمَةً بِعِبَادِهِ وَسَتْرًا لَهُمْ وَالْمَعْنَى ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا الْحُكَّامَ والجمهور على إضافة بِأَرْبَعَةِ إِلَى شُهَداءَ. وَقَرَأَ أَبُو زرعة وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بِأَرْبَعَةِ بِالتَّنْوِينِ وَهِيَ قِرَاءَةٌ فَصِيحَةٌ، لِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ اسْمُ الْعَدَدِ وَالصِّفَةُ كَانَ الْإِتْبَاعُ أَجْوَدَ مِنَ الْإِضَافَةِ، وَلِذَلِكَ رَجَّحَ ابْنُ جِنِّي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ مِنْ حَيْثُ أَخَذَ مُطْلَقَ الصِّفَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الصِّفَةَ إِذَا جَرَتْ مَجْرَى الْأَسْمَاءِ وَبَاشَرَتْهَا الْعَوَامِلُ جَرَتْ فِي الْعَدَدِ وَفِي غَيْرِهِ مَجْرَى الْأَسْمَاءِ، وَمِنْ ذَلِكَ شَهِيدٍ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ «١» وَقَوْلِهِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ «٢» وَكَذَلِكَ عَبْدٌ فَثَلَاثَةُ شُهَدَاءَ بِالْإِضَافَةِ أَفْصَحُ مِنَ التَّنْوِينِ وَالْإِتْبَاعِ، وَكَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَسِيبَوَيْهِ يَرَى أَنَّ تَنْوِينَ الْعَدَدِ وَتَرْكَ إِضَافَتِهِ إِنَّمَا يَجُوزُ فِي الشِّعْرِ انْتَهَى. وَلَيْسَ كَمَا ذَكَرَ إِنَّمَا يَرَى ذَلِكَ سِيبَوَيْهِ فِي الْعَدَدِ الَّذِي بَعْدَهُ اسْمٌ نَحْوُ: ثَلَاثَةُ رِجَالٍ، وَأَمَّا فِي الصِّفَةِ فَلَا بَلِ الصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَإِذَا نَوَّنْتَ أَرْبَعَةً فَشُهَدَاءُ بَدَلٌ إِذْ هُوَ وَصْفٌ جَرَى مَجْرَى الْأَسْمَاءِ أَوْ صِفَةٌ لِأَنَّهُ صِفَةٌ حَقِيقِيَّةٌ، وَيَضْعُفُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ حَالٌ أَوْ تَمْيِيزٌ، وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ تَكُونُ بِالْمُعَايَنَةِ الْبَلِيغَةِ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ شَهَادَتُهُمْ أَنْ تَكُونَ حَالَةَ اجْتِمَاعِهِمْ بَلْ لَوْ أُتِيَ بِهِمْ مُتَفَرِّقِينَ صَحَّتْ شَهَادَتُهُمْ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: شَرْطُ ذَلِكَ أَنْ يَشْهَدُوا مُجْتَمِعِينَ، فَلَوْ جاؤوا مُتَفَرِّقِينَ كَانُوا قَذَفَةً. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الشُّهُودِ زَوْجَ الْمَقْذُوفَةِ لِانْدِرَاجِهِ فِي أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ وَلِقَوْلِهِ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ «٣» وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ كَوْنِ الزَّوْجِ فِيهِمْ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونُوا أَجْنَبِيِّينَ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَتُحَدُّ الْمَرْأَةُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: يُلَاعِنُ الزَّوْجُ وَيُحَدُّ الثَّلَاثَةُ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
(١) سورة النساء: ٤/ ٤١.(٢) سورة البقرة: ٢/ ٢٨٢.(٣) سورة النساء: ٤/ ١٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute