عَامٌّ لِكُلِّ النَّاسِ
وَفِي الْحَدِيثِ «إِنَّ السَّاعَةَ لَتَهْجُمُ وَالرَّجُلُ يُصْلِحُ حَوْضَهُ وَالرَّجُلُ يَسْقِي مَاشِيَتَهُ وَالرَّجُلُ يَسُومُ سَائِمَتَهُ وَالرَّجُلُ يَخْفِضُ مِيزَانَهُ وَيَرْفَعُهُ» .
يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ وَمُجَاهِدٌ: كَأَنَّكَ حَفِيٌّ بِسُؤَالِهِمْ أَيْ مُحِبٌّ لَهُ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: كَأَنَّكَ يُعْجِبُكَ سُؤَالُهُمْ عَنْهَا وَعَنْهُ أَيْضًا كَأَنَّكَ مُجْتَهِدٌ فِي السُّؤَالِ مُبَالِغٌ فِي الْإِقْبَالِ عَلَى مَا تُسْأَلُ عَنْهُ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: كَأَنَّكَ طَالِبٌ عِلْمَهَا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ زَيْدٍ: مَعْنَاهُ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ بِالسُّؤَالِ عَنْها وَالِاشْتِغَالِ بِهَا حَتَّى حَصَلْتَ عَلَيْهَا أَيْ تُحِبُّهُ وَتُؤْثِرُهُ أَوْ بِمَعْنَى أَنَّكَ تَكْرَهُ السُّؤَالَ لِأَنَّهَا مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ وَلَمْ يُؤْتِهِ أَحَدًا. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: أَيْ مُحْتَفٍ وَمُحْتَفِلٌ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كَأَنَّكَ عَالِمٌ بِهَا وَحَقِيقَتُهُ كَأَنَّكَ بَلِيغٌ فِي السُّؤَالِ عَنْهَا لِأَنَّ مَنْ بَالَغَ فِي السُّؤَالِ عَنِ الشَّيْءِ وَالتَّنْقِيرِ عَنْهُ اسْتَحْكَمَ عِلْمُهُ فِيهِ وَهَذَا التَّرْكِيبُ مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَةُ وَمِنْهُ إِحْفَاءُ الشَّارِبِ وَاحْتِفَاءُ النَّعْلِ اسْتِئْصَالُهُ وَأَحْفَى فِي الْمَسْأَلَةِ أَلْحَفَ وَحَفِيَ بِفُلَانٍ وَتَحَفَّى بِهِ بَالَغَ فِي الْبِرِّ بِهِ انْتَهَى، وعَنْها إِمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِيَسْأَلُونَكَ أَيْ يَسْأَلُونَكَ عَنْهَا وَتَكُونُ صِلَةُ حَفِيٌّ مَحْذُوفَةً وَالتَّقْدِيرُ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ بِهَا أَيْ مُعْتَنٍ بِشَأْنِهَا حَتَّى عَلِمْتَ حَقِيقَتَهَا وَوَقْتَ مَجِيئِهَا أَوْ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ بِهِمْ أو معتن بِأَمْرِهِمْ فَتُجِيبُهُمْ عَنْهَا لِزَعْمِهِمْ أَنَّ عِلْمَهَا عِنْدَكَ وَحَفِيٌّ لَا يَتَعَدَّى بِعْنَ قَالَ تَعَالَى: إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا «١» فَعَدَّاهُ بِالْبَاءِ وَإِمَّا أن يتعلق بحفي عَلَى جِهَةِ التَّضْمِينِ لِأَنَّ مَنْ كَانَ حَفِيًّا بِشَيْءٍ أَدْرَكَهُ وَكَشَفَ عَنْهُ فَالتَّقْدِيرُ كَأَنَّكَ كَاشِفٌ بِحَفَاوَتِكَ عَنْهَا وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ عَنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ كَمَا تَكُونُ الْبَاءُ بِمَعْنَى عَنْ فِي قَوْلِهِ، فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي، أَيْ عَنِ النِّسَاءِ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ بِهَا بِالْبَاءِ مَكَانَ عَنْ أَيْ عَالِمٌ بِهَا بَلِيغٌ فِي الْعِلْمِ بِهَا.
قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ أَيْ عِلْمُ مَجِيئِهَا في علم الله وظريفية عِنْدَ مَجَازِيَّةٌ كَمَا تَقُولُ النَّحْوُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ أَيْ فِي عِلْمِهِ وَتَكْرِيرُ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ وَلِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ زِيَادَةِ قَوْلِهِ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها.
وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ قَالَ الطَّبَرِيُّ: لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ بَلْ يَظُنُّ أَكْثَرُهُمْ أَنَّهُ مِمَّا يَعْلَمُهُ الْبَشَرُ، وَقِيلَ: لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الْقِيَامَةَ حَقٌّ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْخَلْقِ يُنْكِرُونَ الْمَعَادَ وَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا «٢» الْآيَةَ. وَقِيلَ: لَا يَعْلَمُونَ أي أَخْبَرْتُكَ أَنَّ وَقْتَهَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. وَقِيلَ لَا يَعْلَمُونَ السَّبَبَ الَّذِي لِأَجْلِهِ أَخْفَيْتُ مَعْرِفَةَ وَقْتِهَا والأظهر قول الطبري.
(١) سورة يس: ٣٦/ ٤٨.(٢) سورة الأنعام: ٦/ ٢٩. [.....]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute