عَنْ نَافِعٍ بِالنُّونِ وَالْجَزْمِ وَخُرِّجَ سُكُونُ الرَّاءِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ سَكَنَ لِتَوَالِي الْحَرَكَاتِ كَقِرَاءَةِ وَما يُشْعِرُكُمْ «١» وَيَنْصُرْكُمْ فَهُوَ مَرْفُوعٌ وَالْآخَرُ أَنَّهُ مَجْزُومٌ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ فَلا هادِيَ لَهُ فَإِنَّهُ فِي مَوْضِعِ جَزْمٍ فَصَارَ مِثْلَ قَوْلِهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ «٢» ونكفر فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِالْجَزْمِ فِي رَاءِ وَنُكَفِّرْ. وَمِثْلِ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
أَنَّى سَلَكْتُ فَإِنَّنِي لَكَ كَاشِحٌ ... وَعَلَى انْتِقَاصِكَ فِي الْحَيَاةِ وازدد
يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها الضمير في يَسْئَلُونَكَ لِقُرَيْشٍ قَالُوا يَا مُحَمَّدُ إِنَّا قَرَابَتُكَ فَأَخْبِرْنَا بِوَقْتِ السَّاعَةِ،
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الضَّمِيرُ لِلْيَهُودِ، قَالَ حَسَلُ بْنُ أَبِي بَشِيرٍ وَشَمْوِيلُ بن زيد إِنْ كُنْتَ نَبِيًّا فَأَخْبِرْنَا بِوَقْتِ السَّاعَةِ فَإِنَّا نَعْرِفُهَا فَإِنْ صَدَقْتَ آمَنَّا بِكَ فَنَزَلَتْ،
وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ التَّوْحِيدَ وَالنُّبُوَّةَ وَالْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْمَعَادِ وَأَيْضًا فَلَمَّا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ بَاعِثًا عَلَى الْمُبَادَرَةِ إِلَى التَّوْبَةِ أَتَى بِالسُّؤَالِ عَنِ السَّاعَةِ لِيُعْلَمَ أَنَّ وَقْتَهَا مَكْتُومٌ عَنِ الْخَلْقِ فَيَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْمُسَارَعَةِ إِلَى التَّوْبَةِ والسَّاعَةِ الْقِيَامَةُ مَوْتُ مَنْ كَانَ حِينَئِذٍ حَيًّا وَبَعْثُ الْجَمِيعِ فَيَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّاعَةِ وَاسْمُ الْقِيَامَةِ والسَّاعَةِ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْغَالِبَةِ كَالنَّجْمِ لِلثُّرَيَّا، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ أَيَّانَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالسُّلَمِيُّ بِكَسْرِهَا حَيْثُ وَقَعَتْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا لُغَةُ قَوْمِهِ سُلَيْمٍ ومُرْساها مَصْدَرٌ أَيْ مَتَى إِرْسَاؤُهَا وَإِثْبَاتُهَا إِقْرَارُهَا وَالرُّسُوُّ ثَبَاتُ الشَّيْءِ الثَّقِيلِ وَمِنْهُ رَسَا الْجَبَلُ وَأَرْسَيْتُ السَّفِينَةَ والمرسى الْمَكَانُ الَّذِي تَرْسُو فِيهِ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مُرْساها إِرْسَاؤُهَا أَوْ وَقْتُ إِرْسَائِهَا أَيْ إِثْبَاتُهَا وَإِقْرَارُهَا انْتَهَى، وَتَقْدِيرُهُ أَوْ وَقْتُ إِرْسَائِهَا لَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ أَيَّانَ اسْمُ اسْتِفْهَامٍ عَنِ الْوَقْتِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنِ الْوَقْتِ إِلَّا بِمَجَازٍ لِأَنَّهُ يَكُونُ التَّقْدِيرُ فِي أَيِّ وَقْتٍ وَقْتُ إِرْسَائِهَا وأَيَّانَ مُرْساها مُبْتَدَأٌ وَحَكَى ابْنُ عَطِيَّةَ عَنِ الْمُبَرِّدِ أَنَّ مُرْساها مُرْتَفِعٌ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ وَلَا حَاجَةَ إِلَى هَذَا الْإِضْمَارِ وأَيَّانَ مُرْساها جُمْلَةٌ اسْتِفْهَامِيَّةٌ فِي مَوْضِعِ الْبَدَلِ مِنَ السَّاعَةِ وَالْبَدَلُ عَلَى نِيَّةِ تَكْرَارِ الْعَامِلِ وَذَلِكَ الْعَامِلُ مُعَلَّقٌ عَنِ الْعَمَلِ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ فِيهَا اسْتِفْهَامٌ وَلَمَّا عَلَّقَ الْفِعْلَ وَهُوَ يَتَعَدَّى بِعْنَ صَارَتِ الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى إِسْقَاطِ حَرْفِ الْجَرِّ فَهُوَ بَدَلٌ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى مَوْضِعِ عَنِ السَّاعَةِ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْمَجْرُورِ نَصْبٌ وَنَظِيرُهُ فِي الْبَدَلِ قَوْلُهُمْ عَرَفْتُ زَيْدًا أَبُو مَنْ هُوَ عَلَى أَحْسَنِ الْمَذَاهِبِ فِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أعني في كون الْجُمْلَةُ الِاسْتِفْهَامِيَّةُ تَكُونُ فِي موضع البدل.
(١) سورة الأنعام: ٦/ ١٠٩.(٢) سورة التوبة: ٩/ ٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute