وثالثها: أن المرأة إذا باشرت الزنا، استقذرها كل طبع سليم، وحينئذ لا تحصل الألفة والمحبة، ولا يتم السكن والازدواج..
ورابعها: أنه إذا فتح باب الزنا، فحينئذ لا يبقى لرجل اختصاص بامرأة وحينئذ لا يبقى بين نوع الإنسان، وبين سائر البهائم فرق في هذا الباب.
وخامسها: أنه ليس المقصود من المرأة قضاء الشهوة، بل أن تصير شريكة للرجل في ترتيب المنزل وإعداد مهماته.. وهذه المهمات لا تتم إلا إذا كانت مقصورة الهمة على هذا الرجل الواحد، منقطعة الطمع عن سائر الرجال، وذلك لا يحصل إلا بتحريم الزنا ... فثبت بما ذكرنا أن العقول السليمة تقضى على الزنا بالقبح «١» .
ولقد سد الإسلام جميع المنافذ التي تؤدى إلى ارتكاب هذه الفاحشة، وسلك لذلك وسائل من أهمها:
١- تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية، ومنع الاختلاط بين الرجال والنساء إلا في حدود الضرورة الشرعية، ومن الأحاديث التي وردت في هذا المعنى، ما رواه الشيخان عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم» .
وروى الشيخان- أيضا- عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو- بفتح الحاء وسكون الميم- وهو قريب الزوج كأخيه وابن عمه فقال صلى الله عليه وسلم: «الحمو الموت»«٢» . أى: دخوله قد يؤدى إلى الموت.
٢- تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية. ووجوب غض البصر.
وروى الشيخان عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة: العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام ... والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه»«٤» .
(١) تفسير الفخر الرازي ج ٢٠ ص ١٩٨. (٢) رياض الصالحين ص ٦٢٤ باب تحريم الخلوة بالأجنبية. (٣) سورة النور الآيتان ٣٠، ٣١. (٤) رياض الصالحين ص ٦٢٢ للإمام النووي.