بيان لوظيفة الرسل- عليهم الصلاة والسلام- وللحكمة من إرسالهم. وقوله: رُسُلًا منصوب على المدح، أو بفعل مقدر قبله، أى: وأرسلنا رسلا. والمراد بالحجة هنا: المعذرة التي يعتذر بها الكافرون والعصاة.
أى: وكما أوحينا إليك يا محمد بما أوحينا من قرآن وهدايات. وأرسلناك للناس رسولا، فقد أرسلنا من قبلك رسلا كثيرين مبشرين من آمن وعمل صالحا يرضا الله عنه في الدنيا والآخرة، ومنذرين من كفر وعصى بسوء العقبى، وقد أرسل- سبحانه- الرسل مبشرين ومنذرين لكي لا يكون للناس على الله حجة يوم القيامة، أى لكي لا تكون لهم معذرة يعتذرون بها كأن يقولوا. يا ربنا هلا أرسلت إلينا رسولا فيبين لنا شرائعك، ويعلمنا أحكامك وأوامرك ونواهيك، فقد أرسلنا إليهم الرسل مبشرين ومنذرين لكي لا تكون لهم حجة يحتجون بها، كما قال- تعالى- وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى «٣» .
قال الآلوسى: فالآية ظاهرة في أنه لا بد من الشرع وإرسال الرسل. وأن العقل لا يغنى عن ذلك. وزعم المعتزلة أن العقل كاف وأن مسألة الرسل إنما هو للتنبيه عن سنة الغفلة التي تعترى الإنسان من دون اختيار. فمعنى الآية عندهم: لئلا يبقى للناس على الله حجة.
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ١ ص ٤٤٩ (٢) تفسير القاسمى ج ٥ من ص ١٧٢٣ إلى ص ١٧٥٢ (٣) سورة طه الآية ١٣٤ [.....] .