فالمنافق عند المسلمين ليس بمؤمن؛ لأنه يبطن التكذيب والشك والإباء، قال تعالى:«وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ»[البقرة: ٨] ويقول شيخ الإسلام عن قولهم: (قول منكر لم يسبقهم إليه أحد)(١)
فهذه أربعة مذاهب في مسمى الإيمان، وأهمُ هذه الأقوالِ المخالفةِ قولُ مرجئة الفقهاء: الإيمان هو: «التصديق، وإقرار اللسان»، وأن الأعمال ليست من الإيمان، ولهم على ذلك شبهات كثيرة، وقد أجاب عنها شيخ الإسلام ابن تيمية في «الإيمان الكبير» و «الإيمان الأوسط» وغيرهما.
والمقصود: أنه قول مخالف لما دل عليه القرآن، والسنة الصحيحة أن الإيمان اسم لكل أمور الدين: الاعتقادية والعملية والقولية، كما في الحديث:(الإيمان بضع وستون شعبة)(٢)، وإن كان ما في القلب أصل لأعمال الجوارح كما في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ:(ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلَحت صلَح الجسد كلُه وإذا فسدت فسد الجسد كلُه ألا وهي القلب) … (٣). فالجوارح تابعة للقلب صلاحا وفسادا، وهو بالنسبة لها بمثابة الملك مع جنوه.
ومن شبهات المرجئة قولهم: إن الإيمان معناه في اللغة العربية: التصديق.
وقد رد ذلك ابن تيمية (٤) بوجوه كثيرة، منها:
أنه ليس كذلك في اللغة العربية؛ بل الإيمان أخص من مطلق
(١) الموضع السابق. (٢) تقدم ص ٢٢٧. (٣) رواه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩) من حديث النعمان بن بشير ﵄. (٤) الإيمان الكبير ٧/ ٢٨٩.