وقال الرماني:١ "ذهب قوم من الكوفيين إلى أن (أو) بمعنى (الواو) وجعلوا من ذلك قوله تعالى: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}(المرسلات: ٦) ومثله: {عُذْراً أَوْ نُذْراً}(طه: ٤٤) . وفى قوله تعالى:{أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ}(الواقعة: ٤٧، ٤٨) ذهب المالقي إلى أن (أو) في الآية بمعنى (الواو) على قراءة من سكن الواو٢ في قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ}(الصافات: ١٤٧)(أو) بمعنى الواو أي مائة ألف ويزيدون. في قوله تعالى:{وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ}(النور: ٦١) ذكر ابن مالك:" أن (أو) في الآية بمعنى (ولا)". قال ابن هشام:" إن (أو) في الآية بمعنى (الواو) وإنما جاءت (لا) في الآية توكيداً للنفي السابق ومانعة من توهم تعليق النفي بالمجموع لا بكل واحد، وذلك مستفاد من دليل خارج عن اللفظ وهو الإجماع" ٣.
ب- وقد تخرج (الواو) عن إفادة (مطلق الجمع) فتأتي بمعنى (أو) أي تفيد الإباحة أو التخيير وقالوا إن مجيء (الواو) بمعنى (أو) على ثلاثة أقسام:
أحدها: أن تكون بمعنى (أو) في التقسيم نحو قولك: الكلمة اسم وفعل وحرف أي الكلمة اسم أو فعل أو حرف، ونحو قول عمرو بن براقة:
وننصر مولانا ونعلم أنه ... كما الناس مجروم عليه وجارم
(فالواو) في الشطر الثاني بمعنى (أو) وذهب ابن هشام: إلى أن الواو جاءت على أصلها لمطلق الجمع.
الثاني: أن تكون (الواو) بمعنى (أو) في إفادة الإباحة وعلى ذلك الزمخشري، وزعم أنه يقال: جالس الحسن وابن سيرين أي جالس أحدهما، وأنه لهذا قيل:{تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}(البقرة: ١٩٢) بعد ذكر ثلاثة وسبعة لئلا يتوهم إرادة الإباحة وقد رد ابن هشام ما ذهب إليه الزمخشري ٤.
الثالث: أن تكون (الواو) بمعنى (أو) في إفادة التخيير، واستدلوا بقول كثير عزه: ٥
وقالوا نأت فاختر لها الصبر والبكا
فقلت: البكا أشفى إذن لغليلي
أي فاختر لها الصبر أو البكاء أي أحدهما، إذ لا يجتمع البكاء مع الصبر.