الإيمان مرادف للفظ التصديق؟ وهب أن المعنى يصح إذا استعمل في هذا الموضع، فلم قلت: إنه يوجب الترادف؟ ولو قلت: ما أنت بمسلم لنا، ما أنت بمؤمن لنا؛ صح المعنى، لكن لم قلت: إن هذا هو المراد بلفظ مؤمن؟ وإذا قال:{وأقيموا الصَّلاةَ}(١) ؟ ولو قال القائل: أتموا الصلاة، ولازموا الصلاة، التزموا الصلاة، افعلوا الصلاة؛ كان المعنى صحيحاً، لكن لا يدل هذا على معنى: أقيموا؛ فكون اللفظ يرادف اللفظ يراد دلالته على ذلك.
ثم يقال: ليس هو مرادفاً له، وذلك من وجوه:
أحدها: أن يقال للمخبر إذا صدقته: صدقه، ولا يقال: آمنه وآمن به؛ بل يقال: آمن له، كما قال:{فَآمَنَ لَهُ لوطٌ}(٢) ، وقال:{فَمَا آمَنَ لِموسى إلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ}(٣) ، قال فرعون:{آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أنْ آذَنَ لَكُمْ}(٤) ، وقالوا لنوح:{أنُؤْمِنُ لَكَ واتَّبَعَكَ الأرْذَلونَ}(٥) ، وقال تعالى:{قُلْ أذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ باللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنينَ}(٦) ، {فَقَالوا أنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُما لَنَا عابِدونَ}(٧) وقال: {وإنْ لَمْ تُؤْمِنوا لي فَاعْتَزِلونِ}(٨) ...
الثاني: أنه ليس مرادفاً للفظ التصديق في المعنى، فإن كل مخبر عن مشاهدة أو غيب يقال له في اللغة: صدقت، كما يقال: كذبت، فمن قال: