فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} ١ {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} كلام مستأنف جار مجرى التعليل بعد استئناف إبليس من الساجدين، كأن قائلا قال: ما له لم يسجد؟ فقيل:{كَانَ مِنَ الْجِنِّ} ٢.
"ج" الاستئناف للتعجب:
وقد تنطوي الإجابة على تعجب، كما في قوله تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ} ٣ يفسر الزمخشري: اللام جواب قسم محذوف، وهذه الجملة في حسن استئنافها غاية وفي أسلوبها قول القائل:
وفي فحوى هذا الفعل دليل على التعجب من غير لفظ التعجب، ألا ترى: ما أشد استكبارهم، وما أكبر عتوهم، وما أغلى نابا بواؤها كليب"٥.
"د" الاستئناف للتوكيد:
وذلك في قوله تعالى:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} ٦. يقول الزمخشري المعتزلي:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} جملة مستأنفة مؤكدة للجملة الأولى، فإن قلت: ما فائدة هذا التوكيد؟ قلت: فائدته أن قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} توحيد، وقوله:{قَائِمًا بِالْقِسْطِ} تعديل، فإذا أردفه قوله:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} فقد آذن أن الإسلام هو العدل والتوحيد، وهو الدين عند الله، وما عداه فليس عنده في شيء من الدين٧.
١ الكهف: ٥٠. ٢ الكشاف ٢/ ٤٨٧. ٣ الفرقان: ٢١. ٤ انظر ص٩٢ من الكتاب. ٥ الكشاف ٣/ ٨٨. ٦ آل عمران: ١٨ و١٩. ٧ الكشاف ١/ ٤١٨.