قال أبو حاتم السِّجِسْتانىّ: وعاش زُهَيْر بن جَناب مائتى سنة وعشرين سنة، وواقع مائتى وقعة، وكان سيّدًا مُطاعًا شريفًا فى قومه (١).
ويقال: كانت فيه عشرُ خِصالٍ لم يَجْتمعْنَ فى غيره مِن أهل زمانه: كان سيّدَ قومه، وشريفَهم وخطيبَهم وشاعرَهم، ووافِدَهُم إلى الملوك، وطبيبَهم (٢)، وحازيهِم -والحازِى: الكاهِنُ- وفارِسَهم، وله البيتُ فيهم، والعَدَدُ. وهو القائل (٣):
أبَنِىّ إن أهْلِكْ فقَدْ ... أوْرَثْتُكُمْ مَجْدًا بَنِيَّه (٤)
لقد عُمِّرْتُ حتَّى ما أُبالِي ... أحَتْفِى فى صَبَاحى أو مَسائِى
(١) المعمّرون ص ٣١ - ٣٦، وذكر قولين فى مبلغ عمره: الأول ٤٢٠ سنة، والثاني ٢٠٠ وحَكَى أيضا: ٣٥٠، لكنَّ نَقْل الشريف المرتضى عنه ٢٢٠ سنة، كما ذكر المصنف. أمالى المرتضى ١/ ٢٣٨ - ٢٤٣، وانظر طبقات فحول الشعراء ص ٣٥ - ٣٧، والأغانى ١٩/ ١٥ - ٢٩، والمحبَّر ص ٢٥٠، ٤٧١، والمؤتلف والمختلف ص ١٩٠. وسيأتى في عقد الأربعمائة ص ١٢٢. وذكروا أن زهيرًا أحدُ من مَلَّ عمرَه فشَرِب الخمرَ صِرْفًا حتى قتلَتْه. (٢) قال أبو حاتم: والطبُّ فى ذلك الزمان شَرف. (٣) القصيدة في المراجع السابقة، ثم فى اللسان (بجل - حيا). (٤) البَنِيَّة: البِناء، يعني بناءَ مجد. وجائز أن تكون "بَنِيَّهْ" منادى حُذِف منه حرف النداء، مع هاء السكت، والتقدير: يا بَنِىَّ. ويروى: قد بَنَيْتُ لكم بَنِيَّهْ فهذا من البناء ليس غير. (٥) الزِّناد: جَمْعُ زَنْدٍ وزَنْدَة، وهما عودان يُقْدَحُ بهما النار. وكنى بقوله: "زنادكم وريَّه" عن بلوغهم مآربهم، تقول العرب: ورِيَتْ بك زِنادى، أي نلتُ بك ما أحب من النُّجح والنجاة. ويقال للرجل الكريم: وارى الزِّناد. (٦) التحيّة: المُلْك. وقيل: التحيَّةُ هاهنا: البقاء والخلود؛ لأن زهيرًا كان رئيسًا فى قومه كالمَلِك. وكذلك قالوا فى معنى: "التحيَّات لله": البقاء لله. انظر: شرح لفظة التحيّات، لابن الخِيَمى ص ٥٣، ثم انظر تفسير الطبرى ١٥/ ٣٣ (تفسير الآية ١٠ من سورة يونس). (٧) أمالى المرتضى، والمعمّرون، والأغاني.