فالحاصل: أن (مَعَ) ظرف وهي اسمٌ؛ لأنها لا تُضَافُ إلا إلى الأسماءِ، فهي ظرفٌ منْصُوبٌ على الظَّرْفِيَّةِ لأنها تَدُلُّ على الصُّحْبَةِ، و (مَعَ) مضاف و {الْمُحْسِنِينَ} مضاف إليه.
وقوله: [{وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} المؤمِنِينَ بالنَّصْرِ والعَوْنِ]: هذا تفسيرٌ ناقِصٌ؛ لأن المحسنين أخَصُّ مِنَ المؤمنين، ولهذا قال النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"الْإِيماَنُ أَنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. . . " إلخ، ثم قال:"الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّه كَأَنَّكَ تَرَاهُ"(٢) فكُلُّ مُحْسِنٍ إحسانًا شَرعيًا ليس عادِيًّا فهو مُؤمِنٌ ولا عَكْسَ.
وقولنا:(إحْسانًا شرعيًا) احتِرَازًا من الإحسانِ العادي؛ لأنه يَقَعُ حتى مِنَ الكافِرِ، لكن الإحسانَ الشَّرعِيَّ هو الذي فَسَّرَهُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بقوله:"أَنْ تَعْبُدَ اللَّه كَأَنَّكَ ترَاهُ"، فالمحسنُ أخَصُّ مِنَ المؤمنِ.
(١) البيت رقم (٤٠٩) من ألفيته. (٢) أخرجه البخاري: كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الإيمان والاسلام والإحسان وعلم الساعة، رقم (٥٠) عن أبي هريرة؛ ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الايمان بإثبات قدر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، رقم (٨) عن عمر بن الخطاب.