الأول: أن يكون لانتفاء أمر وجودي؛ مثل:((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) (١) ، ومثل:((لا صيام لمن لم يبيت النية من الليل)) (٢) ، ونحو ذلك؛ فالنفي للقبول هنا نفي للصحة قطعاً؛ لأنه علق قبوله على أمر مطلوب، ولم يحصل فتعين بطلان المنفي.
الثاني: أن يكون لمعنى يقتضي مناقضة المنفي؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم:((لا يقبل الله صدقة من غلولٍ)) (٣) ؛ فإن في الغلول معنى ينافي معنى الصدقة؛ إذ المقصود من الصدقة الإحسان، وصرفها من الغلول إساءة كبرى. وهذا أيضاً كالأول، وقد يقال: إنه منه؛ فإن الصدقة تبرع، ولا يصح إلا من مالك، والغال ليس بمالك؛ فنفي قبول الصدقة لانتفاء الملك، وهو أمر وجودي.
القسم الثالث: أن يكون لغير ذلك؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم:((من شرب الخمر، لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً)) (٤) ؛ فنفي القبول هنا يراد به - والله أعلم- أن في هذا شراً كبيراً يقابل ثواب الصلاة هذه المدة، ولا يقتضي البطلان، ومثل هذا قوله صلى الله عليه وسلم ((من أتي عرافاً فسأله، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)) ؛ رواه مسلم (٥) .
القسم الرابع: أن يكون الأمر مترددا بين تلك الأقسام، فإن كان أكثر
(١) رواه البخاري، كتاب الوضوء (١٣٥) ، ومسلم، كتاب الطهارة (٢٢٥) . (٢) رواه ابن ماجه بلفظ: ((لا صيام لمن لم يفرضه من الليل، كتاب الصيام (١٧٠٠) ، وأبو داود بلفظ: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له)) كتاب الصوم (٢٤٥٤) ، والنسائي، كتاب الصيام (٢٣٣٣) . (٣) رواه مسلم، كتاب الطهارة (٢٢٤) . (٤) رواه الترمذي، كتاب الأشربة (١٨٦٢) ، والنسائي، كتاب الأشربة (٥٦٧٠) وابن ماجه، كتاب الأشربة (٣٣٧٧) ، وصححه الألباني. (٥) في كتاب الطب (٢٢٣٠)