وَقَدْ كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَفِظَهُ اللَّهُ قَصُرَ بِأَهْلِ السَّاحِلِ عَلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فِي كُلِّ عَامٍ سَلَفًا مِنْ عَطِيَّاتِهِمْ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلَحَهُ اللَّهُ إِنْ نَظَرَ فِي ذلك (٧٣ م) عَرَفَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي عَشَرَةِ دنانير لا مرئ ذِي عِيَالٍ عَشَرَةٍ أَوْ أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ كَفَافٌ وَإِنْ قَوَّتَ عَشَرَةً وَقَتَرَ عَلَى عياله، فرما جَمَعَ الرَّجُلُ عَشَرَتَهُ فِي غَلاءِ السِّعْرِ فِي شِرَاءِ طَعَامٍ لِعِيَالِهِ مَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا ثُمَّ يُدَانُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي إِدَامِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ فِي عَشَرَةٍ لِقَابِلٍ، ولوا جرى عَلَيْهِمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَصْلَحَهُ اللَّهُ في اعطياتهم سلفا في كل عام خمة عَشْرَ دِينَارٍا مَا كَانَ فِيهَا عَنْ مُصْلِحٍ ذِي عِيَالٍ فَضْلٌ وَلا قَدْرُ كَفَافٍ، وَأَهْلُ السَّاحِلِ بِمَنْزِلٍ عَظِيمٌ غَنَاؤُهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لا يَسْتَمِرُّ لِبُعُوثِ أَمِيرِ المؤمنين فصول إِلَى ثُغُورِهِ وَلا سِيَاحَةٌ فِي بِلادِ عَدُوِّهِمْ حَتَّى يَكُونَ مِنْ وَرَاءِ بَيْضَتِهِمْ وَأَهْلِ ذِمَّتِهِمْ بِسَوَاحِلِ الشَّامِ مَنْ يَدْفَعُ عَنْهُمْ عَدُوًّا إِنْ هَجَمَ عَلَيْهِمْ وَأَنَّهُمْ إِذَا كَانَ الْقَيْظُ تَنَاوَبُوا الْحَرَسَ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ رِجَالا وَرُكْبَانًا وَإِذَا كَانَ الشِّتَاءُ قَاسُوا طُولَ اللَّيْلِ وَقَرَّهُ وَوَحْشَتَهُ حَرَسًا فِي الْبُرُوجِ وَالنَّاسُ خَلْفَهُمْ فِي أَجْنَادِهِمْ فِي الْبُيُوتِ وَالأَدْفَاءِ فَإِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَفِظَهُ اللَّهُ أَنْ يَأْمُرَ لهم في اعطياتهم قَدْرَ الْكَفَافِ وَيُجْرِيهِ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ عَامٍ فَعَلَ وَقَدْ تَصَرَّمَتِ - ١] (٥٣ د) السَّنَةُ الَّتِي كَانَتْ تَأْتِيهِمْ فِيهَا عَشَرَاتِهِمْ وَدَخَلُوا فِي غَيْرِهَا حَتَّى اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُمْ وَظَهَرَ عَلَيْهِمْ ضُرُّهَا وَهُمْ رَعِيَّةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَسْئُولُ عَنْهُمْ فَإِنَّهُ رَاعٍ وَكُلُّ رَاعٍ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.
وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَنَّهُ لَحَبِيبٌ (٢) إِلَيَّ أَنْ أُفَارِقَ الدُّنْيَا وَلَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي نفسه ولا ماله.
(١) وقع السقط في د من (٥٢ د) ص (١٨٩) إلى هنا(٢) م " ليحبب ".(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute