وبهذا يتبين جهل الرافضي في ذمه الشيخين بالخوف، الذي هو من أخص صفات المؤمنين العاملين.
الوجه الثالث: أن الله تعالى أخبر عن مريم ﵍ بنظير ما ثبت عن أبي بكر، وعمر في قوله: ﴿قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً﴾ . (١)
قال ابن عباس في معنى نسياً منسياً أي:(لم أُخلق ولم أك شيئاً) .
وقال قتادة أي:(شيئاً لا يُعرف ولا يُذكر) .
وقال الربيع بن أنس هو:(السَّقْط) . (٢)
وثبت عن علي ﵁ كما تقدم في النقل عنه أنه قال يوم الجمل لابنه الحسن:(ياحسن ليت أباك مات منذ عشرين سنة) . (٣)
كما ثبت عن أبي ذر قوله:(والله لوددت أني شجرة تعضد)(٤) ، فهل هؤلاء مذمومون بهذا؟ فإن لم يكونوا مذمومين فلم القدح في الشيخين بمثل ما ثبت عن هؤلاء؟
الوجه الرابع: أن قول الرافضي إن المؤمن العادي تتنزل عليه الملائكة وتبشره بمقامه في الجنة، وأنه لا يخاف ولا يحزن، وهو يشير بهذا لقوله تعالى: ﴿إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا﴾ (٥) ، فهذا من جهله العظيم وفهمه السقيم لمعنى الآية فإن هذه البشارة الواردة في الآية إنما تكون عند الموت، كما ذكر ذلك المفسرون ونقلوه عن أئمة التفسير: كمجاهد والسدي وزيد بن أسلم، وابنه
(١) سورة مريم الآية ٢٣. (٢) تفسير الطبري ٨/٣٢٥-٣٢٦. (٣) تقدم تخريجه ص ٤٠٩. (٤) تقدم تخريجه ص ٤٠٩. (٥) سورة فصلت آية ٣٠.