لكن يصير هذا الحذف واجبًا في مواضع -أكثر فيها شراح الألفية- من أهمها:
١ - مصادر وردت في اللغة منصوبة دائما دون أن تستعمل معها أفعال أبدًا، مثل:"سُبحانَ اللهِ، معاذَ الله، وَيْحه، وَيْلَه، أيضًا".
٢ - مصادر استعملت في اللغة في أسلوب الخبر منصوبة -دون أفعال- ودلت القرائن على أفعالها، كأن يقول من يحمد الله ويشكره:"حمدًا وشكرًا لا كفرا" وقول من يواسي نفسه: "صَبْرًا لا جزعًا".
٣ - المصادر التي تدل على الطلب، بأن تكون خطابا من شخص لآخر يطلب منه شيئا بواسطة "الأمر، النهي، الاستفهام، الدعاء" ومن ذلك:
- قول أعشى همدان يصف بعض اللصوص:
يمرُّون بالدَّهْنَا خِفَافًا عِيَابُهم … ويَرْجِعْنَ من دارين بُجْرَ الحقَائبِ
على حين ألْهَى النَّاسَ جُلُّ أمورِهم … فَنَدْلًا زُرَيْقُ المالَ ندْلَ الثعالبِ (١)
- ما ورد عن العرب في التوبيخ من قولهم:"أتوانيًا وقد علاك المشيب".
(١) الدهنا أو الدهناء: -كما جاء في القاموس- الفلاة وعين لتميم بنجد، عيابهم "العياب" هي أوعية الثياب كالجراب والحقيبة، دارين: مدينة بالبحرين بها سوق للتجارة، بجر الحقائب: حقائبهم ممتلئة مما سرقوه، ندلا: خطفا في سرعة وخفة كما هي عادة اللصوص، زريق: اسم واحد من اللصوص وربما كان اسما رمزيا. يصف هؤلاء اللصوص: بأنهم يمرون "بالدهناء" وحقائبهم فارغة، ويعودون من "دارين" وحقائبهم ممتلئة، وأنهم حين يسرقون يستغلون انشغال الناس بأمورهم لينادي أحدهم الآخر فيقول له: يا زريق، اخطف المال في خفة كخفة الثعالب. الشاهد: في "ندلا" فإنه مفعول بفعل محذوف وجوبا تقديره "اندل".