أي: لا ينفعه جدّه وحظه من الدنيا بذلك، أي: بدل طاعتك وعبادتك وما عندك، وفي معناه قوله تعالى:(وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى)[سبأ: ٣٧]. وقرئ:(وقود)، بالضم بمعنى: أهل وقودها. والمراد بالذين كفروا: من كفر برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وعن ابن عباس: هم قريظة والنضير. (الدأب): مصدر دأب في العمل: إذا كدح فيه، فوضع موضع ما عليه الإنسان من شأنه وحاله، والكاف مرفوع المحل تقديره: دأب هؤلاء الكفرة كدأب من قبلهم من آل فرعون وغيرهم، ويجوز أن ينتصب محل الكاف ب (لن تغنى)، أو ب (الوقود)، أي: لن تغني عنهم مثل ما لم تغن عن أولئك، أو توقد بهم النار كما توقد بهم
قوله:(وعن ابن عباس: هم قريظة والنضير) فالتعريف في (الَّذِينَ كَفَرُوا) على هذا للعهد، وعلى الأول للجنس.
قوله:(فوضع موضع ما عليه الإنسان من شأنه وحاله)، قال في "الأساس": دأب الرجل في عمله: اجتهد فيه، ومن المجاز: هذا دأبك، أي: شأنك وعملك، وقال تعالى:(وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ)[إبراهيم: ٣٣]، ويقال للملوين: الدائبان.
الراغب: الدأب: العادة التي عليها يدوم صاحبها، وهو أخص من العادة، ومنه أدأب في سيره، قال الفراء: الدأب: لزوم الحال التي فيها.
قوله:(أي: لن تغني عنهم مثل ما لم تغن عن أولئك أو: توقد بهم). هذا نشر لقوله: أن ينتصب محل الكاف بـ (لَنْ تُغْنِيَ) أو بالـ (وَقُودُ) من حيث اللفظ، وقوله:"دأب هؤلاء الكفرة كدأب من قبلهم": تقرير وجه الرفع، ثم قوله: يقول: "إنك لتظلم الناس"، إلى قوله:"كما حورف أبوه"، مثالان لهذين التقديرين على النشر أيضاً.