للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعدل بها عن النصب إلى الرفع على الابتداء للدلالة على ثبات المعنى واستقراره.

ومنه قوله تعالى: (قَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ) [هود: ٦٩] رفع السلام الثاني للدلالة على أن إبراهيم صلوات الله عليه حياهم بتحية أحسن من تحيتهم؛ لأن الرفع دال على معنى ثبات السلام لهم دون تجدده وحدوثه.

والمعنى: نحمد الله حمداً، ولذلك قيل: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، لأنه بيان لحمدهم له، كأنه قيل: كيف تحمدون؟ فقيل: إياك نعبد، فإن قلت: ما معنى التعريف فيه؟ قلت: هو نحو التعريف في: أرسلها العراك، وهو تعريف الجنس، …

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إظهار أفعالها؛ لأنها قد اشتهرت بينهم بمعان، وبلغت في الغنية عن تكلف انضمام أفعالها غاية لو تكلف عند ذكرها لاختل المعنى.

قلت: لعل فائدة ما ذكر أن نحو قوله تعالى: (فَضَرْبَ الرِّقَابِ) [محمد: ٤] مفيد لمعنى التوكيد مع الاختصار، وفي الأصل كان الفعل مطلوباً ويتبعه المصدر، وها هنا بالعكس فيفيد طلب المسارعة في الامتثال، كما في قوله تعالى: (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ … ) [البقرة: ٦٠].

قوله: (ولذلك قيل)، أي: ولأن أصل الكلام: "نحمد الله حمداً" جملة فعلية فيها ضمير الحكاية للجماعة قيل: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) ليكون مطابقاً له.

قوله: (لأنه بيان لحمدهم)، تعليل للمطابقة؛ كأنه قيل له: لم تقدره مطابقاً له؟ فقيل: لأنه بيان له. قال صاحب "التقريب": والمعنى نحمد الله حمداً لقوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)؛ لأنه بيان لحمدهم له، واللام لتعريف الجنس، والاستغراق وهم.

قوله: (أرسلها العراك)، تمامه:

فأرسلها العراك ولم يذدها … ولم يشفق على نغص الدخال

<<  <  ج: ص:  >  >>