وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (٥٢) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١) فهذا كلام امرأة العزيز، ويوسف إذ ذاك في السجن لم يحضر بعد إلى الملك، ولا سمع كلامه ولا رآه. ولكن لما ظهرت براءته في غيبته كما قالت امرأة العزيز:" ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ " أي: لم أخنه في حال مغيبه عني وإن كنت في حال شهوده راودته.
فحينئذ "قال الملك: {ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ}(٢) وقد قال كثير من المفسرين: إن هذا من كلام يوسف، ومنهم من لم يذكر إلا هذا القول، وهو قول في غاية الفساد، ولا دليل عليه، بل الأدلة تدل على نقيضه "(٣).
٣ - مثال دعاء الإنسان:
قال تعالى:{وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ}(٤).
اختلف المفسرون في المراد بالإنسان في هذه الآية على ثلاثة أقوال:
أحدها: إنه اسم جنس يراد به الناس، قاله الزجاج وغيره.
(١) سورة يوسف، الآية (٥٠ - ٥٣). (٢) سورة يوسف، الآية (٥٤). (٣) انظر دقائق التفسير / شيخ الإسلام ابن تيمية ج ٣ ص ٢٧٣. (٤) سورة الإسراء، الآية (١١).