وما ذهب لهم في الماء شيء إلا قدح كانت علاقته رثَّةً (١) , فانقطعت , فذهب به الماء , فقال الرجل الذي يعاومه صاحبُ القدح: أصابه القدرُ -معزِّياً له- فقال: والله إنِّي لعلى طريقة ما كان (الله)(٢) ليَسلُبَني قدحي من بين أهل العسكر , فلمّا عبروا إذا رجل ممن كان يحمي (٣) العراصَ وإذا (بالقدح)(٤) قد ضربته الرّياح والأمواج حتى وقع إلى الشاطئ فتناوله برمحه فجاء به إلى العسكر يعرّفه وأخذه صاحبه (٥) , وعن عمير الصائدي (٦) قال: "لما أقحم سعدٌ الناسَ في دجلة اقترنوا , فكان سلمانُ قرين سعدٍ إلى جانبه يسايره في الماء , فقال سعد: ذلك تقدير العزيز العليم , والماء يطمُو (٧) بهم وما يَزال فرسٌ يستوي قائماً قد أعيا , تنشِزُ له تَلْعَةٌ (٨) فيستريح عليها كأنه على الأرض , فلم يكن في المدائن أمر أعجب من ذلك , ولذلك كان يدعى يوم الجراثيم لا يعيي أحدٌ إلا نشزت (له)(٩) جرثومة (١٠) يُريح عليها , وقال حبيب بن صُهبان (١١): لمّا عبر المسلمون يوم المدائن دجلة فنظر الفُرسُ إليهم وهم يعبرون فجعلوا يقولون بالفارسية: ديوانان (١٢) يعنون أنّ هؤلاء مجانين , وقال بعضهم: والله إنكم لم تقاتلوا الإنس وما تقاتلون إلا الجنّ فانهزموا (١٣) , فهذا في
الفضيلة لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - أعظم من الفضيلة لموسى - صلى الله عليه وسلم - في
(١) الرث: الخَلق البالي. معجم مقاييس اللغة (٢/ ٣٨٤). (٢) لفظ "الله" ليس في ب. (٣) في ب "يحي" , وهو تصحيف. (٤) "بالقدح" ليس في ب. (٥) أخرجه أبو نعيم في الدلائل (٢/ ٥٧٦ - ٥٧٧) ح ٥٢٢ , وأخرجه الطبري في تاريخه (٢/ ٤٦٢). (٦) قال ابن حبان في الثقات (٨/ ٥٠٩): "عمير بن عمار الصائدي , يروي عن إبراهيم بن سعد , روى عنه الكوفيون". (٧) طما الماء يطموا طموًّا: ارتفع وعلا وملأ النهر. لسان العرب (١٥/ ١٥). (٨) التلعة: ما ارتفع من الأرض. القاموس المحيط ص ٩١٣. (٩) "له" ليس في ب. (١٠) قال ابن الأثير في النهاية (١/ ٧٢٢): "في حديث ابن الزّبير (لمّا أراد هدم الكعبة وبناءها كانت في المسجد جراثيم) أي: كان فيها أماكن مجتمعة من تراب أو طين , أراد أن أرض المسجد لم تكن مستوية". (١١) تقدم ذكر ترجمته , انظر: ص ٣٧٨. (١٢) في ب "ديوافان". (١٣) أخرجه أبو نعيم بنحوه في الدلائل (٢/ ٥٧٧ - ٥٧٨) ح ٥٢٢.