عليه الصلاة والسلام لمّا حضره ملك الموت ليقبض رُوحَه لطمه ففقأ عينه كما ثبت ذلك في الصحيح , فرجع ملك الموت (إلى ربّه)(١) فقال: "ياربّ إنّك أرسلتني إلى عبد لك لايحب الموت وقد فقأ عيني فردّ الله عليه عينه ... " الحديث (٢)؛ ثم أين أصحاب موسى الذين اختارهم لميقات ربّه ثم تهجّموا على ربهم فقالوا لموسى: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة , فأخذتهم الصاعقة فماتوا جميعاً فقال [ق ٢٤/و] موسى: رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإيّاي , أتهلكنا بما فعل السفهاء منا , رب كيف أرجع إلى بني إسرائيل (٣) وقد أهلكت خيارهم , فلم يزل موسى يناشد ربَّه حتى أحياهم الله - عز وجل - (جميعاً)(٤) رجلاً بعد رجل ينظر بعضهم إلى بعض (٥) كيف يُحيَوْن فذلك قوله - عز وجل -: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[البقرة: ٥٦](٦) فهؤلاء الذين اختارهم موسى من قومه , وقد روى أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا راح منّا إلى الجمعة سبعون رجلاً كانوا كالسبعين الذين وفدوا مع موسى - عليه السلام - وأفضل»(٧) , وأما أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فإن الإيمان كان أرسخ في (٨) قلوبهم من الجبال الراسيات , منهم من يغرر بنفسه ومالِه في نصرة الدين , ومنهم من يهجر ولده , ومنهم من يطلق زوجته , ومنهم من يقتل قريبه ونسيبه , ومنهم مَن يُعْرَض على القتل فيختار القتل والموت على الإسلام
(١) "إلى ربه" ليس في ب. (٢) أخرجه البخاري (٢/ ٩٠) , كتاب الجنائز , باب من أحب الدفن في الأرض المقدسة أو نحوها , ح ١٣٣٩؛ وأخرجه مسلم (٤/ ١٨٤٢) , كتاب الفضائل , باب من فضائل موسى - صلى الله عليه وسلم - , ح ٢٣٧٢ , من طريق أبي هريرة - رضي الله عنه - , بلفظ: " أُرسل ملك الموت إلى موسى - عليه السلام -، فلما جاءه صكَّه ففقأ عينه، فرجع إلى ربه فقال: أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، قال: فرد الله إليه عينه ... " واللفظ لمسلم. (٣) في ب تكرار "إلى بني إسرائيل" , وهو خطأ. (٤) "جميعاً" ليس في ب. (٥) في ب "ينظر بعضهم بعضاً". (٦) انظر: تفسير الثعلبي (١/ ١٩٩ - ٢٠٠). (٧) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (١/ ٢٤٤) ح ٧٩٩ , قال الهيثمي: "رواه الطبراني في الأوسط وفيه أحمد بن بكر البالسي , قال الأزدي: كان يضع الحديث" مجمع الزوائد (٢/ ٣٩٥) ح ٣٠٧٨؛ وقال الألباني: "موضوع". ضعيف الجامع الصغير (١/ ٧١) ح ١٥١٢. (٨) في ب "إلى".