اسطوانتي التاج , وأقبل رجل بِحُقّ إلى صاحب الأقْباض, في ذلك الحُقّ صنوف من نفيس الجوهر , فقال له صاحب الأقباض ومن كان معه: ما رأينا مثل هذا قط ولا يَعدله ما عندنا ولا يقاربه , وقال للرجل: هل أخذتَ منه شيئاً فقال: أما والله لولا الله ما أتيتُكم به فعرفوا أن للرجل شأناً , فقالوا له: مَن أنت؟ قال: لا والله (لا)(١) أُخبركم , فأتبعوه رجلا حتّى انتهى إلى أصحابه فسأل عنه فإذا هو عامر بن عبدقيس (٢)(٣).
وأيضاً (٤) فإنّ قهر أصحاب موسى - عليه السلام - لفرعون وقومه كان بما أطبقه الله تعالى عليهم من البحر وإغراقهم وقهر أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لكسرى وقومه كان بمباشرتهم وسيوفهم ورماحهم وقوّتهم وأسلم من أسلم واستسلم على الجزية والصَّغار [ق ٢٠/و] مَن استسلم فكان أبلغ في النكاية على العدوّ وأعظم لظهور الإسلام وأدحر (٥) لمعالم الكفر والطغيان , فأصحاب موسى - عليه السلام - كانوا فارّين من عدوّهم وأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا طالبين لعدوّهم وفرق بين هؤلاء وهؤلاء والله يؤيد بنصره من يشاء , وكان ذلك أبلغ مما لو أهلكهم جميعاً فإنه أبقى في أعقابهم الذّلّ والصَّغار ليُعتبر بهم , وجعل ما يؤخذ منهم قوّة للمسلمين وزيادة في أموالهم واستمراراً للذلّة (٦) في عدوّهم , ثم إنّ ما علمنا أنّ المسلمين غنموه (٧) من آل كسرى أعظم مما علمنا أن أصحاب موسى عليه الصلاة والسلام غنموه من آل فرعون وذلك أن سعداً - رضي الله عنه - لمّا قسم المغانم بين العسكر جمع
(١) "لا" ليس في ب. (٢) في أ "قيس بن سعد - رضي الله عنه - " , وفي ب "سعد بن قيس" , وفي تاريخ الطبري (٢/ ٤٦٥) والكامل في التاريخ (٢/ ٣٦٢) كما أثبته , وهو: عامر بن عبد الله المعروف بابن عبد قيس العنبري , تابعي، من بني العنبر , وهو من أقران أويس القرني وأبي مسلم الخولاني , مات ببيت المقدس في خلافة معاوية سنة ٥٥. انظر: الأعلام (٣/ ٢٥٢ - ٢٥٣). (٣) أخرجه بنحوه الطبري في تاريخه (٢/ ٤٦٤ - ٤٦٥) , وذكره أيضاً أبو الحسن الشيباني في الكامل (٢/ ٣٦١ - ٣٦٢). (٤) في ب "أيضاً" بدون الواو. (٥) في ب "وأدخر": أي أصغر وأذل. المعجم الوسيط (١/ ٢٧٤). (٦) في ب "للذة" , وهو تصحيف. (٧) في ب "غنموا" , وهو خطأ.