جاء في فتح الباري لابن حجر: وقد فهم بعض الصحابة من الأمر في قول الله عز وجل {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا}[التوبة: ٤١] العموم، فلم يكونوا يتخلفون عن الغزو حتى ماتوا (١) .
وخرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه فقيل له إنك عليل فقال: استنفر الله الخفيف والثقيل فإن لم يمكني الحرب كثرت السواد، وحفظت المتاع (٢) .
ونوقش هذا: بأنه محمول على استنفار الإمام، أو على الاستنفار للدفاع عن بلد من بلاد المسلمين، أو ثغر من ثغورهم فإنه يكون فرض عين حتى يندفع العدو (٣) قال - صلى الله عليه وسلم - «وإذا استنفرتم فانفروا»(٤) .
إذا تقرر أن الجهاد بالنفس في سبيل الله في حالة طلب العدو وابتدائهم بالقتال فرض كفاية فإنه يتعين في ثلاث حالات (٥) .
١- إذا شرع في الجهاد وتقابل الصفان تعين الجهاد في حقه وحرم الانصراف قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}[الأنفال: ٤٥] .
(١) فتح الباري (٦/٤٧) . (٢) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٨/١٣٧) . (٣) المغني (١٣/٧) وأحكام القرآن للجصاص (٣/١٤٥) . (٤) صحيح البخاري مع الفتح كتاب الجهاد والسير باب وجوب النفير، ح رقم (٢٨٢٥) وصحيح مسلم مع شرح النووي، كتاب الإمارة، بابن المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد و، ح رقم (١٣٥٣) عن ابن عباس رضي الله عنهما. (٥) المغنى (١٣/٨) ومعونة أولى النهى (٣/٥٨٨) .