١٥ - وَسُئِلَ رَضِي الله عَنهُ: هَل اللَّيْل أفضل من النَّهَار؟ فَأجَاب فسح الله فِي مدَّته: قَالَ جمَاعَة: النَّهَار أفضل من اللَّيْل لما فِيهِ من فضل الِاجْتِمَاع على الْقُرْآن وَالذكر. وَقَالَ آخَرُونَ: بل اللَّيْل أفضل إِذْ لَيْلَة الْقدر خير من ألف شهر، وَلَيْسَ لنا يَوْم خيرا من ألف شهر، وَيدل لَهُ قَوْلهم: لَو قَالَ أَنْت طَالِق فِي أفضل الْأَوْقَات طلقت لَيْلَة الْقدر، واختصاصه بالتجلي الْأَكْبَر وبالمعراج، وَالله سُبْحَانَهُ أعلم.
١٦ - وَسُئِلَ رَضِي الله عَنهُ: هَل الْعَرْش أفضل من الْكُرْسِيّ؟ فَأجَاب رَحمَه الله بقوله: نعم كَمَا صرح بِهِ ابْن قُتَيْبَة، وَصرح أَيْضا بِأَن الْكُرْسِيّ أفضل من السَّمَاء، وَأَن الشَّام أفضل من الْعرَاق، وَبِأَن الْحجر أفضل من الرُّكْن الْيَمَانِيّ، وَهُوَ أفضل الْقَوَاعِد، وَالله أعلم.
١٧ - وَسُئِلَ نفع الله تَعَالَى بِعُلُومِهِ: هَل اللَّيْل فِي السَّمَاء كالأرض؟ فَأجَاب رَضِي الله عَنهُ بقوله: الَّذِي دلّت عَلَيْهِ الْآيَات القرآنية أَنه من خَواص أهل الأَرْض، لِأَن الله تَعَالَى امتن بِهِ علينا رَاحَة لنا لأَنا نتعب ونمل بِخِلَاف أهل السَّمَاء؛ وَمعنى {يُسَبِّحُونَ الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}[الْأَنْبِيَاء: ٢٠] أَنهم دائمون على ذَلِك فكنى بذلك عَن الدَّوَام وَوُقُوع الْمِعْرَاج لَيْلًا إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لأهل الأَرْض وَالله سُبْحَانَهُ أعلم.
١٨ - وَسُئِلَ رَضِي الله عَنهُ: فِي رجل لَيست لَهُ معرفَة تَامَّة بالطب وَيَجِيء إِلَيْهِ أَصْحَاب الْعِلَل فَينْظر فِي كتب الطِّبّ فَمَا وجده مُوَافقا طِبًّا لطبعه داوى بِهِ وَلم يدر تشخيص الْعلَّة لصَاحب الْعلَّة بل قَالَ لَهُ: افْعَل فَمنهمْ من يبرأ وَمِنْهُم من لَا، فَمَا الحكم فِي ذَلِك وَمَا حكم الْمَأْخُوذ مِنْهُم بِالرِّضَا؟ فَأجَاب نفع الله بِعُلُومِهِ وبركته: من يطالع كتب الطِّبّ وَيذكر للنَّاس مَا فِيهَا من غير أَن يتشخص الْعلَّة فقد جازف وتجرأ على إِفْسَاد أبدان النَّاس وإلحاق الضَّرَر بهم، لِأَن من لَا يتشخص الْعلَّة وَلَا يتَيَقَّن كليات علم الطّلب لَا يجوز لَهُ أَن يُفْتِي بِشَيْء من جزئياته لِأَن الجزئيات لَا يضبطها إِلَّا الكليات، ومِنْ ثمَّ قَالَ بعض حذاق الْأَطِبَّاء: كتبنَا قاتلة للفقهاء أَي إِنَّهُم يرَوْنَ فِيهَا أَن الشَّيْء الْفُلَانِيّ دَوَاء لِلْعِلَّةِ الْفُلَانِيَّة فيستعملونه لتِلْك الْعلَّة غافلين عَن أَن فِي الْبدن عِلّة خُفْيَة تضَاد ذَلِك الدَّوَاء فَيكون الْقَتْل حينئذٍ من حَيْثُ ظنوه نَافِعًا، وحينئذٍ فَلَا يصلح ذَلِك الدَّوَاء إِلَّا لمن علم أَنه لَيْسَ فِي الْبدن مضاد لَهُ، وَلَا يُحِيط بذلك إِلَّا الطَّبِيب الماهر الَّذِي أَخذ الْعلم عَن الصُّدُور لَا عَن السطور، وَلَا خُصُوصِيَّة لعلم الطِّبّ بذلك بل كل من أَخذ الْعلم عَن السطور كَانَ ضَالًّا مضلاً وَلذَا قَالَ النَّوَوِيّ رَحمَه الله: من رأى الْمَسْأَلَة فِي عشرَة كتب مثلا لَا يجوز لَهُ الْإِفْتَاء بهَا لاحْتِمَال أَن تِلْكَ الْكتب كلهَا مَاشِيَة على قَول أَو طَرِيق ضَعِيف، ثمَّ هَذَا الطَّبِيب إِذا