*الشبهة الثالثة:
قوله تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (النساء/٦٥)
ووجه الدلالة:
أن الله -تعالى- نفى الإيمان عمّن لم يحكِّم الشرع؛ فيكون الحاكم بغير ما أنزل الله بمجرد تحكيمه كافراً كفراً أكبر لأنه حكّم غير شرع الله.
والجواب على ذلك:
أن النفى الوارد فى الأية إنما هو نفى لكمال الإيمان لا أصله، ومن الصوارف فى الآية:
ان هذه الآية قد نزلت فى رجل من أهل بدر، والحديث في الصحيحين، والبدريون معصومون من الوقوع فى الكفر الأكبر. (١)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وهذه الآيه ممَّا يحتج بها الخوارج على تكفير ولاة الأمر الذين لا يحكمون بما انزل الله. (٢)
* الشبهة الرابعة:
قال تعالى (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة: ٥٠) فوصف الله -تعالى - من يترك حكمه أنه مُريدٌ لحكم الجاهلية؛ وحكم الجاهلية كفرٌ!!
*والجواب:
أن إضافةُ الشيء إلى الجاهلية أو وصفه بأنه من أعمال أهل الجاهلية لا يدل على الكفر، وقد قال الرسول الله صلى الله عليه وسلَّم لأبي ذر - رضي الله عنه-:
"إنك امرؤٌ فيك جاهلية ". (٣)
ووصف أموراً بأنها من أعمال الجاهلية كالنياحة على الميت
(١) ودليل عصمتهم: ما رواه البخاري عن النبي-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال قال حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه -: أوَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَمَا يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمُ الجَنَّةَ " اوجبت لكم الجنه) مع الآية (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) (النساء/١١٦) (٢) منهاج السنة (٥/ ١٣١) (٣) متفق عليه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute