واعلم أن هذا الحديث يجمع أنواعاً من العلوم والمعارف والآداب واللطائف، بل هو أصل الإسلام. (٢)
قال القرطبي:
فيصلح هذا الحديث أن يقال فيه: إنه أم السنة؛ لما تضمنه من جمل علم السنة، كما سميت الفاتحة: أم الكتاب؛ لما تضمنته من جمل معاني القرآن. (٣)
* شرح فوائد حديث الباب:
تبدأ قصة حديث الباب لما توجه يحيى بن يعمر وصاحبه حميد عبدالرحمن إلى عبدالله بن عمر-رضى الله عنهما- يسألانه عن فتنة من الفتن الى أطلت برأسها في أواخر عصر الصحابة رضى الله عنهم، وهى فتتنة القول بنفي القدر، وأن الله -تعالى - لم يخلق أفعال العباد.
وهذا هو معنى قول يحْيَى بْنِ يَعْمَرَ في أول حديث الباب:
مستأنف لم يسبق لله - تعالى - فيه علم، وقد عُرف أصحاب هذه البدعة فيما بعد باسم " القدرية "؛ وسمُّوا بذلك لأنهم أثبتوا للعبد قدرة توجد الفعل بانفرادها واستقلالها دون الله تعالى، ونفوا أن تكون الأشياء بقدر الله وقضائه.
(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم (١/ ٢٠٤) ورسالة " المقاصد الحسان فيما يلزم الإنسان " للقاضى عياض قد ذكرها ابنه، وقال: إنه لم يكملها، ويغلب على الظن أنها مفقودة، فلم أجد لها ذكراً فى غير هذين الموضعين. الديباج المذهَّب في معرفة أعيان علماء المذهب (٢/ ٤٩) (٢) صحيح مسلم شرح النووي (١/ ١٩٤) (٣) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (١/ ١٥٢) (٤) يحيى بن يعمر أبوسليمان العدواني الفقيه، العلامة، أحد قرَّاء البصرة، وقاضي مرو. حدَّث عن: عائشة، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وعدة. وقرأ القرآن على: أبي الأسود الدؤلي. قيل: إنه كان أول من نقَّط المصاحف، وذلك قبل أن يوجد تشكيل الكتابة بمدة طويلة، وكان ذا لسان وفصاحة، توفي قبل التسعين. وانظروفيات الأعيان (٦/ ١٧٣) وسير أعلام النبلاء (٤/ ٤٤٢)