عما كفُّوا، ولو كان هذا خيرًا (١) ما خُصِصْتُم به دون أسلافكم، فإنه لم يُدَّخَر عنهم خيرٌ خُبِّئ لكم دونهم لفضلٍ عندكم وهم أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين اختارهم له وبعثه فيهم ووَصَفَهم فقال:{مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ... } الآية (٢)[الفتح: ٢٩].
وقال الحسن بن زياد اللؤلؤي: «[ما] أدركتُ مَشْيَخَتَنا: زُفَرَ بن الهذيل وأبا يوسف [وأبا حنيفة، ومن جالسنا وأخذنا عنهم يهمهم غيرُ الفقه والاقتداءُ بمن تقدمهم](٣).
الوجه العاشر (٤): أن صورة المسألة إذا لم يكن في المسألة حديثٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا اختلاف بين أصحابه، وإنما قال بعضُهم فيها قولًا، ولم يُعْلَم أنه اشتهر في الباقين ولا أنهم خالفوه. فنقول:
من تأمَّل المسائل الفقهية والحوادث الفروعية وتدرَّبَ في مسالكها وتصرف في مداركها= عَلِمَ قطعًا أن كثيرًا منها قد تَنْحَسم (٥) فيها وجوه الرأي بحيث لا يُوثّق فيها بظاهرٍ مرادٍ أو قياسٍ جيِّد ينشرح له الصدر و (٦) يثلج له الفؤاد، أو تتعارض فيها الظواهر والأَقْيِسة على وجهٍ يقف المجتهد
(١) الأصل: «خير»! (٢) أخرجه الآجري في «الشريعة» رقم (٢٩٤)، واللالكائي رقم (٣١٥). (٣) ما بين المعكوفين سقط من الأصل، واستدركناه من مصدر الأثر، وهو عند ابن عبد البر في «الجامع»: (٢/ ٩٤٢). (٤) وهو الوجه الثاني والأربعون في «الإعلام»: (٦/ ١٧). (٥) «الإعلام»: «قد تشتبه». (٦) الأصل: «أو».