ولم تجب عليهم زكاة فى خيل ورقيق قط، أى: لم يلزمكم ذلك، فليس معناه: إسقاط ما كان واجباً، ولا ترك عقوبة هنا فتأمل (١) .
وصفوة القول: أن يقال: إما أن يكون صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذنب أم لا؟ فإن قلنا: لا! امتنع على هذا التقدير أن يكون قوله "لم أذنت لهم" إنكاراً عليه. وإن قلنا: إنه صدر عنه ذنب – وحاشاه الله من ذلك – فقوله عز وجل: {عفا الله عنك} يدل على حصول العفو، وبعد حصول العفو يستحيل أن يتوجه الإنكار عليه.
فثبت أنه على التقديرين المذكورين، يمتنع أن يقال: إن قوله: {لم أذنت لهم} يدل على كون الرسول مذنباً، وهذا جواب شاف كاف قاطع.
وعند هذا يحمل قوله:{لم أذنت لهم} على ترك الأولى والأكمل، بل لم يعد هذا أهل العلم معاتبة، وغلطوا من ذهب إلى ذلك (٢) كالإمام الزمخشرى (٣) فقد أساء الأدب فى التعبير – مع جلالة علمه – عن بيان العتاب – فى زعمه – فقال: إن قوله تعالى: {عفا الله عنك} كناية عن الجناية، لأن العفو رادف لها، ومعناه: أخطأت وبئس ما فعلت (٤) .
(١) ينظر: المواهب اللدنية وشرحها للزرقانى ٩/٤١، ٤٢، والشفا ٢/١٥٨، وشرح السيوطى على النسائى، وحاشية السندى ٥/٣٧ رقم ٢٤٧٧. (٢) المواهب اللدنية وشرحها للزرقانى ٩/٤٢، ٤٣، وينظر: زاد المسير لابن الجوزى ٣/٤٤٥، ونسيم الرياض ٤/١٧٨، وتفسير القرطبى ٨/١٥٤. (٣) هو: أبو القاسم، محمود بن عمر بن محمد الزمخشرى، معتزلى، نحوى، مفسر، يلقب بجار الله، لمجاورته بمكة زماناً، من مصنفاته: الكشاف عن حقائق التنزيل، والفائق فى غريب الحديث. مات سنة ٥٣٨هـ له ترجمة فى: طبقات المفسرين للداودى ٢/٣١٤ رقم ٦٢٥، وطبقات المفسرين للسيوطى ص٤٨ رقم ١٤٧، وإشارة التعيين فى تراجم النحاة واللغويين لعبد الباقى اليمانى ص٣٤٥ رقم ٢١٠، ووفيات الأعيان لابن خلكان ٥/١٦٨ – ١٧٤ رقم ٧١١. (٤) الكشاف ٢/١٩٢.