فنقول: المنقولُ عن بعض أكابر الفضلاء من المتأخرينِ - وهو أبو محمد بن بري -: أنَّهُ إذا كُرِّرَت الأجناس، أو المصادر، أو أسماء العدد، كان المرادُ حصولَهَا مكررةً؛ نحو: جاء القوم رجلاً رجلاً، وجماعةً جماعةً، وزُمرةً زمرةً؛ أي: رجلاً بعد رجلٍ، وجماعةً بعد جماعةٍ.
وعن الشيخ أبي محمد وابن الحاجب: ولا يحسنُ التوكيدُ اللفظيُّ إلا حيثُ لا يكونُ للكلام مَحْملٌ غيرُهُ.
ومن ثَمَّ لمْ يَحملْ أبو عليٍّ التكرير في المصادرِ والأعداد وأسماء الأجناس عليه في قولك: جاؤوا رجلاً رَجلاً، وحَسَبْتُهُ (١) باباً باباً، وضربته ضرباً ضرباً (٢)، وأنفقت الدراهمَ ثلاثةً ثلاثةً؛ لأنَّ المقصودَ في هذه الأمثلة وشبهها حصولُ الفعل علَى هيئة التكرير الواقعِ بعضُهُ بعدَ بعض؛ لأنَّ المعنَى: رجلاً بعد رجلٍ، وباباً بعد باب، وضرباً بعد