وقد عرَّف القاضي عياض -رحمه الله تعالى- الإيمان بقوله:"أصل الإيمان في اللغة التصديق وفي الشرع تصديق القلب واللسان"(١). لحديث أبي هريرة قال:"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بارزًا يومًا للناس، فأتاه رجلٌ فقالَ: ما الإيمانُ؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكتِه، وبلقائهِ، ورسلهِ، وتؤمن بالبعث. قال: ما الإِسلام؟ قال: الإِسلامُ أن تعبدَ الله ولا تشركَ به، وتقيمَ الصلاةَ، وتؤديَ الزكاةَ المفروضةَ، وتصومَ رمضانَ. قال: ما الإحسانُ؟ قال: أن تعبدَ الله كأنك تراهُ، فإن لم تكن تراهُ فإنه يراكَ. قال: متى الساعةُ؟ قال: ما المسؤولُ عنها بأعلَم من السائلِ. وسأخبركَ عن أشراطِها: إذا ولدت الأمَةُ ربَّها، وإذا تطاولَ رعاةُ الإبل البهم في البنيانِ. في خمس لا يعلمُهم إلا اللهُ. ثم تلا النبي - صلى الله عليه وسلم - {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}(٢) الآية. ثمَّ أدبرَ، فقال: ردُوه. فلم يروا شيئًا. فقال: هذا جبريلُ جاءَ يعلمُ الناسَ دينَهم. قال أبو عبد الله: جعلَ ذلك كله من الإيمانِ"(٣).
والإيمان الحق هو الذي يشتمل على:
١ - العقيدة الثابتة التي لا يخالطها شك.
٢ - العمل الذي يصدق العقيدة وهو ثمرتها (٤).
والعمل أنواع: عمل القلب، وعمل اللسان والجوارح، فإذا تمكَّن الإيمان من قلب الإنسان فقد صلحت جميع أعماله، لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
(١) النيسابوري. صحيح مسلم بشرح النووى. (تحقيق) أبو زينة، عبد الله، أحمد، القاهرة، مكتبة الشعب، المجلد الأول ص ٢٠٩، كتاب الإيمان، عدد شعب الإيمان، شرح حديث رقم ٥٣ - ٥٤. (٢) سورة لقمان، الآية ٣٤. (٣) مرجع سابق، العسقلاني. الباري بشرح صحيح البخاري. (رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه) عبد الباقي، محمد، فؤاد، و (قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه) الخطيب، محب الدين، الجزء الأول، ص ١١٤، كتاب الإيمان، باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان، والإسلام، والإحسان، وعلم الساعة. وبيان النبي - صلى الله عليه وسلم - له، حديث رقم ٥٠. (٤) الزنداني، عبد المجيد وآخرون. الإيمان. دمشق، دار القلم، الطبعة الرابعة، ١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م، ص ١٥.