أرجو كمال الراحة، كما قال - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة -رضي الله عنها-: لا كرب على أبيك بعد اليوم، ودعى أبو بكر بن عباس عند الموت إلى الرجاء، فقال كيف لا أرجوه وقد صمت له ثمانين رمضان. وقال المعتمر بن سليمان: قال لي أبي: يا بني اقرأ عليّ أحاديث الرخص لعلي ألقى الله وأنا حسن الظن به. فينبغي للمؤمن أن يرمي صوت الخوف ويحدو الناقة. . . ." (١).
وهنا يحث ابن الجوزي على تغليب الرجاء على الخوف في هذا الموقف العصيب ساعة الاحتضار، وقد استشهد بقول الفضيل بن عياض: "الخوف أفضل من الرجاء، فإذا أنزل الموت فالرجاء أفضل" (٢).
٣ - تحسين الأعمال الصالحة:
ثم ليتأكد أن أعمال الإنسان الصالحة تنقذه في شدته مصداقًا لقصة يونس -عليه السلام- في قول الله تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (٣)، وأن أعمال الإنسان السيئة تكون وزرًا عليه كما في قصة فرعون:{آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}(٤).
٤ - الإكثار من الاستعاذة من الشيطان:
وعلى المرء عند معالجته للنفس البشرية في ساعة الاحتضار، أن يكثر من الاستعاذة من الشيطان، لأن الشيطان في تلك الساعة يقول لأعوانه: "إن فاتكم فلان الآن لم تقدروا عليه أبدًا" (٥) وصيغة الاستعاذة قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت" (٦).
(١) المرجع السابق، ص ١٢٣. (٢) المرجع السابق، ص ١٢٤. (٣) سورة الصافات، الآيتان ١٤٣ - ١٤٤. (٤) سورة يونس، الآية ٩١. (٥) مرجع سابق، ابن الجوزي. اللطائف والطب الروحاني. ص ١٢٣. (٦) مرجع سابق، الأزدي أبو داود, سليمان بن الأشعث. سنن أبي داود. (تحقيق) عبد الحميد، محمد، محيي الدين، الجزء الثاني، ص ٩٢، كتاب الصلاة، باب في الاستعاذة، حديث رقم ١٥٥٢.