ومن دلائل ذلك أيضًا: القاعدةُ الفقهية: "الضرورة تُقَدَّرُ بقدرها" ودلائلها المعروفة؛ ولأن الضرورة أباحت سلوك وسيلة محرمة لاستخلاص الحق ورفع الظلم، ولم تُبِحْ سلوكَها لظلم الآخرين وأخذ ما ليس بحق.
ومن أدلة القيد الثالث -وهو كراهة القلب للتحاكم إلى القانون الوضعي-: قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النحل: ١٠٦].
ومنها: حديث: ". . . فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"(١)، وحديث:"ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع"؛ قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال:"لا ما صلوا"(٢).
وأما ما يدل على القيد الرابع فهو قوله تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة: ١٧٣]، وقوله:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[الأنعام: ١٤٥]، وقوله:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[النحل: ١١٥]، كما يُستفاد ذلك من القاعدة الفقهية:"الضرورات تبيح المحظورات".
كما يدل على ذلك أيضًا قصةُ لجوءِ الصحابة -رضي الله عنهم- للمثول أمام النجاشيِّ الكافرِ -يومئذٍ- مرتين بسبب مطالبة كفار قريش بهم، وللذود عن حقهم في إبطال مزاعم قريش الباطلة فيهم.
ومن قرارات المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بشأن