وهنا نذكر ما رواه الشيخان وغيرهما عن سعيد بن المسيّب عن أبيه أنه أخبره:(١)
أنه لمَّا حضرتْ أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجد عنده أبا جهل بن هشام، وعبد الله بن أبي أميّة بن المغيرة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب:"يا عمّ، قل لا إِله إِلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله" فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أميّة، أترغب عن ملّة عبد المطّلب، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عليه، ويعودان بتلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلّمهم: هو على ملّة عبد المطلب، وأبى أن يقول لا إِله إِلا الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما والله لأستغفرنَّ لك ما لم أنْهَ عنك، فأنزل الله تعالى فيه:{مَا كَانَ لِلنَّبِيَ}(التوبة: ١١٣)!
زاد مسلم: فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}[التوبة: ١١٣](التوبة)! وأنزل الله تعالى في أبي طالب، فقال لرسوله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (٥٦)} (القصص)!
وهذا صريح على وفاته كافراً (٢)، وشاء الله عزَّ وجلَّ أن يموت أبو طالب قبل
(٢) انظر البداية: ٣: ١٢٣ وما بعدها ففيه الرد على من زعم أن أبا طالب قد مات مسلماً، والبيهقي: "الدلائل": ٢: ٣٥٣. [قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: هذا الهامش ورد في المطبوع بعد صفحتين، وليس له مناسبة هناك]