النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ»(١).
قال أبو عبيدة الهروي: أي يبتليه بالمصائب ليثيبه عليها، وقد تبتلى أمة الإسلام بتكالب الكفار واعتدائهم عليها، إما عقوبة لها على تقصيرها في طاعة ربها، أو ابتلاء واختبارًا لها، قال تعالى:{ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}[محمد: ٤].
وما نراه في هذه الأزمان من تكالب أمم الكفر من كل مكان، واتحادهم ضد المسلمين، ما هو إلا مصداق لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه الإمام أبو داود من حديث ثوبان - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ:«بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ»، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ:«حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ»(٢).
ولن يكون الخلاص والنجاة من ذلك إلا بالتمسك بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والبراءة من الشرك وأهله، ويجب على المؤمن أن يكون على ثقة ويقين بنصر الله القريب، وإن كثر الأعداء، وعظمت قوتهم، فإن الله سينصر دينه والمؤمنين، قال تعالى:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَاسُنَا عَنِ القَوْمِ المُجْرِمِينَ}[يوسف: ١١٠].
(١) برقم (٥٦٤٥). (٢) برقم (٤٢٩٧) وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٣/ ٨١٠) برقم (٣٦١٠).