(لا أرى أن يجعله من ظلمه في حل)، وعلل ابن العربي فتوى مالك بقوله:(إن كان ظالمًا فمن الحق ألا تتركه لئلا تغترَّ الظَّلَمة ويسترسلوا في أفعالهم القبيحة)(١).
ويؤكد الصاوي في حاشيته على الجلالين هذا المعنى فيقول:(من مكان الأخلاق التجاوز والحلم عند حصول الغرض، ولكن يشترط أن يكون الحلم غير مخل بالمروءة)، وأما إذا انتهكت حرمات الله (فالواجب حينئذٍ الغضب لا الحلم، وعليه قول الشافعي: مَن استُغضِب فلم يغضب فهو حمار، وقال الشاعر: وحلم الفتى في غير موضعه جهل)(٢).
وفي تفسير قوله تعالى:{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ ...}[النساء: ١٤٨].
نقل القرطبي في تفسير الآية على قراءة مَن قرأ {إِلاَّ مَن ظُلِمَ} قول أبي إسحاق الزجاج: (يجوز أن يكن المعنى: إلا مَن ظلم، فقال سوءًا فإنه ينبغي أن تأخذوا على يديه) وعلق القرطبي قائلًا:
" قلت: ويدل على هذا أحاديث منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا على أيدي سفهائكم»(٣).
وقوله:«انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا»، قالوا: هذا ننصره مظلومًا فكيف ننصره ظالمًا؟ قال «تكفُّه عن الظلم»(٤) " (٥).
وفي حديث طويل تنتدب نساءُ النبي - صلى الله عليه وسلم - السيدةَ زينب رضي
(١) قول مالك وتعليله من تفسير القرطبي ١٦/ ٤٢ - ٤٣. (٢) عن صفوة التفاسير ٣/ ١٤٣ (الصاوي ٤/ ٤٠ عند تفسير الآية ٣٩ من سورة الشورى). (٣) استشهد به القرطبي وهو في ضعيف الجامع برقم ٢٨١٩ (ضعيف). (٤) رواه البخاري في كتاب المظالم - باب ٤ - الحديث ٢٤٤٤ (فتح الباري ٥/ ٩٨). (٥) تفسير القرطبي ٦/ ٤.